كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[مباحث في علم الله وعقل الإنسان واستطاعته وقدرته والعصمة]

صفحة 128 - الجزء 2

  على ما هو به مع سكون النفس⁣(⁣١) سواء كان علماً لخالق أو مخلوق، وما كان متعلقاً للشيء لا على ما هو به فهو جهل؛ فكيف يقسم العلم إلى هذين القسمين لولا قلة التحصيل، ولو نظر في الأدلة وعرف أنواع الاعتقاد وانقسامها إلى أقسامها التي هي: العلم، والجهل، والتقليد، والتبخيت الذي هو التخمين، وتمييز كل واحد بحكمه الذي يختص به - لم يورد الكلام على هذا الوجه، وقد جرينا معه على الاتساع في تسمية كونه عالماً بأنه علم؛ لأن المضايقة في هذا الموضوع لا وجه لها، والخلاف في مسائل الصفات ليس هذا موضعه، ولا تعرض هو لذكر شيء من ذلك؛ فنحتاج إلى الجواب عنه.

  وأما أن المعلوم يقف على ما علم به العالم؛ فهو قول صحيح لكن الشأن في أن المؤثر في وقوع الفعل ماذا؟ وقد ذكرنا ذلك مكرراً بما فيه غُنية.

  وأما قوله: «وليس في علم الله للأمور قبل وقوعها إجبار على ما توهمه المجبرون».

  فالجواب: أنه إن كان لا يرى أن للعلم تأثيراً في حصول المعلوم فما فائدة لتكراره بذكر العلم عند المكالمة في أفعال العباد، وما الفرق حينئذ بين العلم وطلوع الشمس وغروبها في أن الجميع لا يؤثر في الفعل، فكما أن حشو الأوراق عند ذكر مسألة خلق الأفعال بذكر طلوع الشمس وغروبها؛ لأن الفعل لا يكون إلا مع أحد هذين الأمرين قول لا فائدة فيه، كذلك الكلام في العلم، وإنما ينبغي أن يذكر في المكالمة في المسألة ما له تعلق بها بأن يكون إما مؤثراً أو شرطاً أو غير ذلك من وجوه التعلق، وإن كان يرى أن العلم يوجب الفعل بطل بما قدمناه، ونقض بذلك ما قاله من أنه غير مؤثر، وغالب الظن أنه اعتاد ذكر مسألة العلم والمعهود من كثير من أهل مقالته أنهم يجعلون العلم مؤثراً فجرى في ذلك على


(١) في علم المخلوق. تمت من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.