كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الرد على اعتراض فقيه الخارقة على صحة الافتقار إلى رحمة الله]

صفحة 143 - الجزء 2

[الرد على اعتراض فقيه الخارقة على صحة الافتقار إلى رحمة الله]

  وأما قوله: وكذا قوله: مفتقراً إلى رحمته - يعني في كلام صاحب الرسالة - قال [الفقيه]: «فقد بان كذبه هاهنا، وأنه على أصله غير مفتقر إلى رحمة الله تعالى؛ لأن دخول الجنة والنار إنما هو بالأعمال والأعمال عنده داخلة تحت قدرة الآدمي ولا قدرة لله تعالى عليها؛ فأين وجه الافتقار إلى رحمة الله على أصل معتقده؟!».

  فالجواب: أنه كذَّب صادقاً، وتكذيب الصادق كذب؛ لأن من قال للصادق فيما قال: كذبت، كان مخبراً عن الشيء لا على ما هو به، وهذا حقيقة الكذب؛ فقد رمى البريء بدائه وهو ظلم له أيضاً، وقد عرف وعيد الله للكاذبين بالنار والظالمين ما لهم من أنصار.

  بل نقول وشيعتنا: إنا مفتقرون إلى رحمة ربنا في جميع أحوالنا وجميع مصالحنا في دنيانا وآخرتنا، أما في الأحوال فنسأله ø العافية وصرف المضار وسعة الإنعام، وكفاية الأشرار.

  وأما في مصالحنا في الدين فبالاقتدار، والتمكين والألطاف، وتقوية الدواعي إلى الخير، وصرف الدواعي إلى القبيح، وتسهيل التكليف، والتوفيق للأعمال الصالحة المؤدية إلى الجنة، والصرف عما يؤدي إلى النار بالألطاف المقوية للصوارف، ونعتقد في ذلك كله أنه سبحانه المتولي لهذه الأمور كلها خلافاً للطبائعية ومن طابقها من جهال أهل القبلة، ونعتقد أنه سبحانه ما أراد بأحد من المكلفين الهلاك والعطب ودخول النار خلافاً للجبرية والقدرية، بل أراد بما كلفهم التمكين من الدرجات العالية في جنات النعيم، المستحقة على وجه الإجلال والتعظيم بما لا يحسن الابتداء بمثل ذلك، كما لا يحسن تعظيم البهائم والأصنام بما يستحقه ذو الجلال والإكرام؛ فأي افتقار أعظم مما نرجع بما ذكرنا إلى ربنا؟ ونفزع إليه سبحانه في مصالح ديننا ودنيانا؟ لأنا نعتقد أنه سبحانه