[بحث في خبر الغدير ودلالته على الإمامة]
  الموجبة لصرف الخطاب إلى المعهود منها، وهي ما قدمه ÷ من قوله: «ألست أولى بكم من أنفسكم؟» قالوا: بلى يا رسول الله؛ فقال ÷: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله» حتى قال عمر عند ذلك: بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن، وهذا يوجب حمل آخر الخبر على أن المراد به الأولى الذي هو الأحق والأملك؛ فكأنه قال ÷: من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه.
  وقد ذكرنا طرق هذا الخبر مستقصاة في جوابنا هذا، وذكرنا من جملتها ما سئل عنه جدنا جعفر بن محمد الصادق # فقيل له: ما أراد رسول الله ÷ بقوله لعلي #: «من كنت مولاه فعلي مولاه» فقال: سئل عنها –والله - رسول الله ÷ فقال: «الله مولاي أولى بي من نفسي لا أمر لي معه، وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم لا أمر لهم معي، ومن كنت مولاه أولى به من نفسه لا أمر له معي فعلي أولى به من نفسه لا أمر له معه» وهذا يبين صحة ما ذهبنا إليه في هذه المسألة، وهو ظاهر لمن لم يعم التعصب عين بصيرته.
  وأما قوله بعد ذلك: «والمولى في اللغة ينصرف على معان كثيرة لا يحمل على بعضها إلا بقرينة، أو دليل قاطع على المراد منه».
  فالجواب: أنا قد بينا الاستدلال بالخبر من الوجوه الأربعة التي طلب منا واحداً منها، وهو الحمل على بعضها بدليل قاطع، وزدنا عليه الوجوه الثلاثة التي كل واحد منها لو انفرد لكفى في الاستدلال به على إمامته # وهذه الجملة لو بسطناها لاتسع الكلام فيها وقد ذكرنا للفقيه التنبيه لمن أراد أن يتنبه.
  وأما قوله: «وقد ذكر بعض أهل العلم أن معنى هذا الخبر: من كنت وليه فعلي وليه، والولي والمولى في كلام العرب سواء، قال الله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ}[التحريم: ٤]، يريد أولياءه، ولم يرد أنهم أئمة له».