[مسألة]
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى} كيف يخاف موسى وهو عالم بما يظهر عليه وانه يكشف عن بطلان ما أتوه؟ وجوابنا أنه يجوز أن يكون خائفا على قوم قد شاهدوا ما فعلته السحرة أن يفسدوا ويثبتوا على فسادهم خصوصا أن تأخر امره تعالى بإلقاء العصا ومن تأمل حال فرعون وقومه مع كثرتهم كيف ذهلوا عن القبول من موسى ﷺ مع ظهور أمره علم أن شهوة المرء وهواه مسلّطان عليه فيجب أن يتحرّز التحرّز الشديد من أتباع الهوى وإيثار الدنيا على الآخرة ويبذل الجهد في اتباع الحق وإن شق وأوجب مفارقة الإلف والعادة ومفارقة السلطان والرئاسة وكذلك القول في السحرة الذين آمنوا بموسى ﷺ لما رأوا أمره الذي بهرهم كيف انقادوا واختاروا الايمان وحسن العاقبة على القتل والصلب فالمحكي عن ابن عباس ¥ أنه قال أصبحوا من أهل النار وأمسوا من أهل الجنة كلام هذا معناه وروي أنه أكرههم على ذلك السحر لقولهم {وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى} ثمّ قال سبحانه قالوا {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى} فإن كان هذا من قول السحرة دلّ على استبصار منهم وإن كان من كلامه تعالى دل على أنّ دار المجرمين غير دار الصالحين المؤمنين وقوله تعالى {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى} يدل على شدة الذم له وعلى أنه تعالى لا يضلّ عن الدين وانه أراد بإضافة الضلال إلى نفسه ما تأولناه من أن المراد به العقاب وما يتصل به ولذلك قال تعالى {وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ} {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ} ثمّ قال {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ} إلى غير ذلك.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ