تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 292 - الجزء 1

  دائما لا ينقطع لكنه جعل الشمس عليه دليلا وذلك أحد ما تظهر به نعمه لأنه بالشمس وطلوعها يعرفون كيفية الظل.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً} كيف يصح وإنما خلق آدم من طين؟ وجوابنا أن ذلك الطين إذا كان بالماء حصل على تلك الصفة فجاز أن يقول ذلك ويحتمل أن يريد سائر أولاده لأنه من النطفة خلقهم فسمّاها ماء ثمّ ذكر تعالى ما يبعث المرء على التمسك به من الآداب والاحكام في صفة عباد الرحمن فقال تعالى {وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً} فذكر من صفاتهم ثلاثة عشر خصلة إذا تأملها المرء وتمسك بها عظمت منزلته في الدين ولولا خوف التطويل لشرحناها ثمّ قال تعالى آخرا {أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً} فان قيل فقد ذكر تعالى في جملته {فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ} كيف يصح ذلك ومحال في السيئة الماضية أن تصير حسنة؟ وجوابنا أن المراد بالسيّئات عقابها وبالحسنات الثواب فقال تعالى فيهم أنهم إذا تابوا صار لهم بدلا من العقاب الثواب وفي قوله تعالى {إِلَّا مَنْ تابَ} بعد ذلك الكفر والقتل والزنا دلالة على أن التوبة مقبولة في كل ذنب لا كما يظنّه قوم في أنها لا تقبل في القتل.

[مسألة]

  وربما قيل ما معنى قوله تعالى {قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ} وهل المراد بذلك المؤمن أو الكافر؟ وجوابنا أنه تعالى قال ذلك عقيب وصف المؤمن فالمراد به لولا دعاؤهم الذي هو التوحيد والعدل لم يعبأ تعالى بهم حتى يرقيهم في منزلة الثواب على ما وصف ويكون قوله تعالى {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ} يرجع إلى من خالف حاله حال