تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 390 - الجزء 1

  في النار؟ وجوابنا ان معناه أفمن كان في الجنة التي مثلها هذا المثل ووصفها هذا الوصف كمن هو في النار وفي الكلام حذف لما فيه الدلالة على ذلك.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ} كيف يصح أن يقول ذلك لنبيه وعلمه به متقدم مستقر؟ وجوابنا أن المراد الثبات على هذا العلم في المستقبل فان قيل فكيف قال {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} وهو مغفور له. وجوابنا أن يجتهد في التوبة من ذنبه لعظم منزلته لأن حال الأنبياء فيما يقدمون عليه أعظم من حال غيرهم.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ} كيف يصح أن يملي لهم والاملاء هو الابقاء ولا يصح أن يكون إبقاؤهم من قبله بل هو من قبله تعالى؟ وجوابنا أن {سَوَّلَ لَهُمْ} المراد به زين لهم المعاصي والمراد بقوله {أُمْلِي لَهُمْ} أنه غرّهم بأن بسط لهم في الآمال وغلب في قلبهم أنهم يبقون فيتلافون وفي السورة أدلة على مذهبنا منها قوله تعالى {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ} فان ذلك يدل على أن الهدى قد يكون إلى الثواب لأنه بعد القتل لا يصح سواه وهو معنى قوله {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ} أي طيبها لهم وقوله {فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ} يدل على أن الضلال قد يكون الا هلاك ولذلك قال {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ} ومنها قوله {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً} فإنه يدل على أن الالطاف والأدلة والخواطر التي ترد على المؤمن توصف بأنها هدى وأن للمؤمنين من الحظ في ذلك ما ليس لغيرهم ومنها قوله تعالى {أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} فإنه يدل على وجوب النظر وعلى أن التدبر فعلهم فأما قوله {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ} فالمراد بالمرض ليس هو الكفر بل هو ما لحقهم بظهور أمر