[مسألة]
  أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} فان أكثر النصارى يقولون بعبادة عيسى ﷺ.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله {أَ فَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً} كيف يصح ذلك وقوله {أَ فَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} يدل على نفي الاسلام عنهم وقوله {وَلَهُ أَسْلَمَ} يدل على اثبات الاسلام وهذا يتناقض. وجوابنا ان المراد بقوله {وَلَهُ أَسْلَمَ} الاستسلام والانقياد وليس المراد اختيار الدين والاسلام فبين تعالى انه قادر على أن يجعلهم كذلك لكنه لا ينفعهم الا إذا اتبعوه اختيارا فلذلك قال طوعا وكرها وأمر نبيه ﷺ أن يقول {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ} إلى قوله {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} فبين انه قد آمن ومع ذلك هو مسلم أي منقاد للّه تعالى على وجه الاختيار وان هذا هو الذي ينفع، وبيّن بقوله {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} ان الدين كله هو الاسلام والاسلام هو الدين وان ما عدا ذلك ليس من الدين والاسلام وبيّن أن من ليس بمسلم من الخاسرين في الآخرة.
[مسألة]
  وربما قيل كيف يقول تعالى {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ} وعندكم أن اللّه قد هدى الكافرين. وجوابنا انه قد هداهم بالأدلة والمراد بهذا الهدى هو الثواب وطريق الثواب ولذلك قال بعده {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} فخصهم بنفي الهدى عنهم ثمّ بين ما نفاه عنهم بقوله {أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ} فبين انه لم يهدهم إلى الجنة بل عاقبهم بهذه العقوبة.