[مسألة]
  قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} أليس ذلك يتناقض بأن يقول آخرا لا يعلمهم الا اللّه ويقول أولا {أَ لَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}. وجوابنا أن المراد بآخره هو قوله {وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} وأتاهم خبرهم على الجملة دون التفصيل فالكلام مستقيم ويحتمل أن يريد أنه أتاهم نبأ هؤلاء على الجملة ويريد بقوله {لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} التفصيل من أحوالهم فلذلك قال بعده {جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ} وقد ذكرنا من قبل أن ذلك ذم لهم وهو كناية عن ترك القبول منهم لان هناك استعمالا لليد في رد قولهم وبيانهم ولذلك قال {أَ فِي اللَّهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} فبين أن مراده تعالى بتكليفهم هذا الغفران.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ} فأضافوا ايمانهم إلى اللّه تعالى. وجوابنا أن المراد بذلك الارسال والنبوّة لان قومهم قالوا إنهم بشر مثلنا فأجابوهم بقولهم {إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ} وأرادوا النبوة واظهار المعجزات هذا ونحن نضيف الايمان أيضا إلى اللّه تعالى ونقول إنه من نعمه لما كان الوصول اليه بيسره وألطافه مع التمكين وكذلك نقول في الطاعات إنها من اللّه ولا نقول ذلك في المعاصي وقد نهى عنها وزجر عن فعلها ولذلك قال تعالى بعده {وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا}.
[مسألة]
  وربما قيل كيف ذكر أولا جل وعز قولهم {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} ثمّ كرره ثانيا ما الفائدة في ذلك. وجوابنا