متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

الفصل الأول القاضي عبد الجبار

صفحة 10 - الجزء 1

  وكان القاضي، كما يظهر من هذا العهد، مثال العدل والورع في أحكامه، فقد جاء في أسباب إضافة جرجان وطبرستان إلى أعماله: أن أمير المؤمنين «ألفاه الكافي فيما استكفاه، الوافي بما قلده واسترعاه. قد نهض من قضاء قضاته، بما أحمد فيه رضىّ مسعاته. مؤديا حق اللّه في الأخذ بالعدل، والحكم بالفصل.

  والقضاء بموجب الدين ومقتضاه، والإمضاء على سنن الشرع ومفضاه. لا يميل به هواه عند الارتياد، ولا يختلف مغزاه في الاعتبار والاجتهاد. الورع مركبه وسبيله، والحق مقصده ودليله. قد ضربت بحسن مذهبه الأمثال، وشدّت إلى اقتباس علمه الرجال ...»

  ثم بعد أن ذكر البلاد المضافة إليه، قال: «ممتعا رعية هذه البلاد بكفايته، قاسما لهم حظوظهم من رعيته ودرايته. فأولى الولاة من جمع فيه الحلم والحجى، وأكفى الكفاة من أجمع عليه في العلم والتقى⁣(⁣١).

  ولم يكن الوزير الصاحب يخفى إعجابه الشديد بكفاءة القاضي وعلمه وفضله، فكان يقول فيه: إنه «أفضل أهل الأرض»، «وأعلم أهل الأرض»⁣(⁣٢).

  ويذكر الحاكم في طبقات المعتزلة أن القاضي بقي في الري، بعد أن استدعاه إليها الصاحب، مواظبا على التدريس إلى أن توفى. وهذا يدل على أن


(١) انظر رسائل الصاحب، المرجع السابق، نفس الصفحة.

(٢) انظر طبقات المعتزلة، ص: ١١٢، وانظر رسائل الصاحب، في مواضع متفرقة، يظهر فيها أثر هذا الاعجاب، حيث يخاطبه بقوله (قاضى القضاة الأجل) ويقول فيه (أقضى القضاة) ويتبع لقبه: قاضي القضاة، بالدعاء له بدوام التأييد والعز والبقاء، ويقول كذلك:

(وما بيني وبين قاضى القضاة يكبر عن الشكر، لا بل عن إجراء الذكر) انظر الرسائل الصفحات: ١٣٩، ١٨٣، ١٨٩.