متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 35 - الجزء 1

  فمتى ورد الخطاب وأمكن حمله على ظاهره وكان الخطاب ظاهرا في وضع اللغة، أكان عاما أو خاصا، فالواجب حمله على ما يقتضيه، ولحق بالباب الذي يستقل بنفسه، ومتى امتنع حمله على ظاهره فالواجب النظر فيما يجب أن يحمل عليه، والنظر هو بأن تطلب القرائن على الوجه الذي ذكرناه، فإن كان السامع قد تمهدت له الأصول، وعرف العقليات وما يجوز فيها وما لا يجوز، وعلم ما يحسن التكليف فيه وما لا يحسن، وعلم من جمل اللغة ما يعرف به أقسام المجاز ومفارقتها للحقائق، حمله على ما أريد به في الحال، وإلا احتاج إلى تكلف نظر عند سماعه ذلك، فإن تكاملت الآلات له أمكنه النظر في الحال، وإلا احتاج إلى التشاغل بما في الأصول حتى تتكامل آلاته، ويصير من أهل الاجتهاد، فيمكنه أن يحمل الخطاب على حقه.

  واعلم أن الخطاب على ضربين: أحدهما يدل على ما لولا الخطاب لما صح أن يعلم بالعقل، والآخر يدل على ما لولاه لأمكن أن يعرف بأدلة العقول.

  ثم ينقسم ذلك، ففيه ما لولا الخطاب لأمكن أن يعلم بأدلة العقول، ويصح أن يعلم مع ذلك الخطاب، فيكون كل واحد كصاحبه في أنه يصح أن يعلم به الغرض. وفيه ما لولا الخطاب لأمكن أن يعلم بالعقل ولا يمكن أن يعلم إلا به.

  فالأول هو الأحكام الشرعية، فإنها إنما تعلم بالخطاب وما يتصل به، ولولاه لما صح أن يعلم بالعقل الصلوات الواجبة ولا شروطها⁣(⁣١) ولا أوقاتها، وكذلك سائر العبادات الشرعية.


(١) د: وشروطها.