متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

مقدمة التحقيق

صفحة 11 - الجزء 1

  أعباء منصبه الكبير ما كانت لتشغله عن الإملاء والتدريس، إلى أن تفرع لذلك في نهاية الأمر بعد عزله عن القضاء، عقب وفاة صاحبه الوزير الصاحب الأديب⁣(⁣١).

  ويقال في أسباب عزله: إنه كان قليل الوفاء للصاحب الذي قدّمه وأعلى منزلته في دولة بنى بويه، فقد رفض القاضي الصلاة على صاحبه، وقال إنه لا يرى الترحم عليه، لأنه مات من غير توبة! ولا بد لمرتكب الكبيرة، في مذهبهم، من التوبة حتى لا يكون حكمه الخلود في النار!

  قالوا: فنقم عليه فخر الدولة لذلك وقبض عليه، وعزله من منصبه، وصادره على ثلاثة آلاف ألف درهم⁣(⁣٢).

  ولكن هذا في الواقع لا يفسر سبب عزله ومصادرته، بمقدار ما يفسره عادة أصحاب السلطان في ذلك الوقت، بمصادرة كبار الدولة عند عزلهم، أو عند وفاتهم، والغضب عليهم في بعض الأحيان، حتى عدت المصادرة من «الموارد» الهامة للأمراء والسلاطين! سواء أكان ذلك لاعتقادهم أن ثروات هؤلاء قد ساقها إليهم منصبهم الكبير، أم لمجرد الحصول على المال، وخشية أن يؤلف هؤلاء المعزولون الناس بأموالهم!

  ويبعد أن يكون فخر الدولة قد صادر القاضي وعزله لقلة وفائه للصاحب، وقد قام بعد ذلك بمصادرة أموال الصاحب نفسه⁣(⁣٣)!.


(١) انظر لسان الميزان: ٣/ ٣٨٧.

(٢) انظر ابن حجر: المصدر السابق، معجم الأدباء لياقوت (طبع مصر) ٦/ ٢٩٩.

(٣) انظر مقدمة المحقق الدكتور عبد الكريم عثمان، لشرح الأصول الخمسة ص ١٥ - ١٦.