متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 43 - الجزء 1

  فكيف⁣(⁣١) يصح اعتمادهم عليه؟.

  واعلم أن السائل إذا سأل عن شيء فلا يجب من حيث حسنت المسألة أن يقطع بأن المطلوب يفعل أو يحسن أن يفعل؛ لأن الطلب فعل الطالب، والمطلوب فعل من سئل، وليس لأحدهما تعلق بالآخر، فكيف⁣(⁣٢) يستدل بحسن الاستعانة على أن الملتمس يفعل لا محالة؟!

  ١٤ - مسألة: فإن قالوا: وقد قال ø فيها: {اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ}⁣[٦] ولو كان المراد بالهداية الدلالة لكان قد دلهم وبيّن لهم فلا يكون للمسألة معنى، فإذا بطل ذلك فيجب أن يكون المراد: الإيمان أو القدرة الموجبة للإيمان، فمن هذا الوجه يدل على ما نقوله⁣(⁣٣).

  والجواب عن ذلك أن المسألة - على ما بينا من قبل - من فعل السائل، والمطلوب فعل اللّه ø، فيجب أن ينظر في كل واحد منهما لما ذا يحسن، وهل يجب أن يتبع أحدهما الآخر في الحسن والقبح، وقد ثبت أنه لا يحسن من السائل أن يطلب من المسؤول ما هو قبيح ولا بد من كونه حسنا لو فعله، لكنه


(١) في الأصل: وكيف.

(٢) في الأصل: وكيف.

(٣) الخلاف في الهدى، هل هو الايمان - أو القدرة عليه - أم هو الدلالة والبيان؟

في الأصل، فرع عن الخلاف بين المعتزلة وغيرهم من المتكلمين في مسألة: خلق الأفعال: فالمعتزلة مجمعون على أن أفعال العباد غير مخلوقة فيهم، وأنهم المحدثون لها، وأن الايمان - على ذلك - من فعلهم، والهداية دلالة من اللّه ø عامة لجميع المكلفين مؤمنهم وكافرهم، وعند الجهمية أن هذه الأفعال مخلوقة للّه تعالى فينا لا تعلق لها بنا أصلا، لا اكتسابا ولا إحداثا «وإنما نحن كالظروف لها» أما الأشاعرة فذهبوا إلى أن لها بنا تعلقا من جهة الكسب وإن كانت مخلوقة فينا من جهة اللّه تعالى، وعلى رأى هؤلاء وأولئك - وجميعهم ممن يسمهم المعتزلة بالمجبرة - فإن الهداية خاصة بالمؤمنين دون غيرهم، وأنها عبارة عن الايمان الذي اختصهم به اللّه تعالى! انظر: الإبانة عن أصول الديانة للأشعري، الطباعة المنيرية بمصر، ص ٥٧ - ٥٨ شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص ٣٢٣ - ٣٩٠ الفصل لابن حزم: ٣/ ١٤٢ - ١٦١. مناهج الأدلة في عقائد الملة لابن رشد، بتقديم وتحقيق الأستاذ الدكتور، محمود قاسم.

الطبعة الثانية؛ ص: ٢٢٣ - ٢٢٥.