متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 45 - الجزء 1

  الصلاح في أن لا يفعل، والطالب إنما يطلب على شرط، على ما بينا القول فيه.

  على أن ما قالوه إنما كان يصح لو لم «يكن الهدى⁣(⁣١) إلا الدلالة أو الإيمان، فإذا طعنوا في أحدهما ثبت الآخر، وليس الأمر كذلك؛ لأن اللطف⁣(⁣٢) وزيادة الأدلة والخواطر قد⁣(⁣٣) يوصف بذلك؛ كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً}⁣(⁣٤). وذلك يبطل تعلقهم بالظاهر، ويبين أن المراد بالآية: دلّنا على الدين المستقيم حالا بعد حال. أو يكون المراد: زدنا في الأدلة والألطاف والخواطر التي عندها يزداد شرح صدورنا⁣(⁣٥). وكل ذلك حسن وإن لم يكن هو الذي قالوه.


(١) ف: تكن الهداية.

(٢) اللطف واحد من المبادئ الهامة التي أصّلها المعتزلة، وهو عبارة عن «كل ما يختار عنده المرء الواجب ويتجنب القبيح، أو ما يكون عنده أقرب إما إلى اختيار أو إلى ترك القبيح» وعند جمهورهم أن اللّه ø قد أعطاه المكلف زيادة في تمكينه أو إزاحة علته.

وذهب بشر بن المعتمر ومن وافقه من البغدادين إلى عدم القول به بحجة أن اللّه تعالى قد فعل بجميع المكلفين ما يؤمنون عنده لو شاءوا فليس لهم عليه غير ذلك ولا يلزمه أكثر من ذلك!، وإلا - وألطاف اللّه لا نهاية لها - لكان لا يوجد في العالم عاص وأما القائلون بأن أفعال العباد مخلوقة للّه تعالى، فلا يلزمهم شيء من هذا أصلا، فضلا عن اعتبارهم من المخالفين فيه. وقد ناقش القاضي دليل المخالفين من البغداديين في كتابه: «شرح الأصول الخمسة» كما بسط القول في نظرية اللطف في كتابه: «المجموع في المحيط بالتكليف» / مصور دار الكتب: ب: ٢٩٣١٤ (ج: ١٦ - ١٧) المجلد: ٢، ورقة: ٢٨٦ - ٣٢١. وأفرد له جزءا خاصا من كتابه: المغنى / الجزء الثالث عشر. وابن حزم يحمل على جمهور المعتزلة، لقولهم باللطف، حملة منكرة. وجولد تسهر يرى أن مبدأ اللطف يتصل اتصالا وثيقا بما أسماه: «القوة المشاركة في تأثير الأخيار الحر» ويرى - بحق - أن هذا المبدأ يخرج المعتزلة من المشكلة التي توقعهم فيها ظواهر بعض النصوص القرآنية الدالة على خلاف مذهبهم في الهداية وخلق الأفعال ونحو ذلك. انظر: شرح الأصول الخمسة للقاضي: ص:

٥١٨ - ٥٢٥. ومقالات الاسلاميين ١/ ٢٨٧ - ٢٨٨ - الفصل لابن حزم ٣/ ١٦٤ فما بعدها مذاهب التفسير الاسلامي لجولد تسهر، ترجمة الدكتور عبد الحليم النجار - القاهرة ١٩٥٥ - ١٧٢ - ١٧٧.

(٣) في د: وقد.

(٤) سورة محمد: ١٧.

(٥) د: صدر.