[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  مضافة إليه، وإن كان من فعل المنتفع، لمّا كان إنما وصل إليه بما كان من قبله من المال، وهذا بيّن.
  ثم يقال للقوم: إن السائل لو لم يكن متمكنا قادرا فاعلا مختارا لم تصح منه المسألة ولا كان فيها فائدة، لأنه تعالى هو الذي خلقها فيه، وخلق(١) [له] ما طلب، وإنما يتم للمسألة فائدة على ما نقوله.
  ويقال لهم: إذا كان اللّه تعالى هو الذي يخلق فيهم الهدى والإيمان، فلا يخلو من أن يكون قد أراد ذلك أو لم يرده، فإن أراده وجب حصوله كانت المسألة أم لم تكن، وإن لم يرده لم يحصل على كل حال، فما فائدة المسألة على قولكم؟!
  ثم يقال لهم: وكيف يجوز أن يقسمهم تعالى فيجعل بعضهم ممن أنعم عليهم، وبعضهم ممن غضب عليهم، وبعضهم ممن ضل، إن كان جميع ذلك من خلقه فيهم وهو الذي أراده وشاءه وأحبه؟ ولم صار المؤمن أن يكون ممدوحا ومنعما عليه بأولى من الكافر؟!
  وصحة ذلك يقتضى ما نقوله من أن هذه الأفعال أفعال لهم، فإذا اختار بعضهم الطاعة مدح عليها، كما يذم من اختار المعصية.
  ويقال لهم: كيف يصح أن يقول تعالى: {صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فيضيف (الذين)، إليهم ولا فعل لهم في الحقيقة؟! وإنما تصح هذه الإضافة إذا كانوا قد فعلوا ما لزمهم من الطاعات، وسلكوا فيه الاستقامة.
  وهذه الجملة تبين أنه لا يصح تعلقهم بشيء، مما أرادوه(٢)، فإنه(٣) يدل ما على نقوله من وجوه كثيرة قد ذكرنا بعضها.
(١) ف: ويخلق.
(٢) د: أورده.
(٣) د: وأنه.