متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة البقرة

صفحة 48 - الجزء 1

ومن سورة البقرة

  ١٦ - مسألة: قالوا⁣(⁣١): وقد قال⁣(⁣٢) فيها ø: {لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ}⁣[٢] ولو كان الهدى هو الدلالة لما صح أن يكون للمتقين دون غيرهم، وذلك يبطل قولكم، ويبين أن الهدى ما نقوله.

  والجواب عن ذلك أن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل «على حكم⁣(⁣٣) ما عداه⁣(⁣٤)، وإنما خص تعالى المتقين بأن الكتاب هدى لهم، ولم يقل: وليس بهدى لغيرهم، فلا ظاهر يدل على ما قالوه.

  وبعد، فإنه لا يصح أن يحمل على ما يذهبون إليه في الهدى من أنه الايمان، لأنه تعالى وصف الكتاب بأنه هدى للمتقين، ولا شبهة في أن الكتاب ليس بايمان، لأن الإيمان هو فعل المؤمن، والكتاب كلامه⁣(⁣٥) تعالى، فلا⁣(⁣٦) بد من أن يرجع إلى أن المراد به أن الكتاب دلالة وبيان، وقد بين في غير موضع ذلك بقوله:

  {شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ}⁣(⁣٧)، أنه دلالة للجميع، وإنما خص المتقين في هذا⁣(⁣٨) الموضع؛ لأنهم اهتدوا به، فصار من حيث انتفعوا به كأن الهدى هدى لهم دون غيرهم، وهذا كقوله تعالى في صفة نبيّه صلى اللّه عليه وآله: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها}⁣(⁣٩) وإن كان منذرا للخلق كلهم، كما


(١) ساقطة من د.

(٢) ساقطة من: د.

(٣) د. على ما حكم.

(٤) الاستدلال بدليل الخطاب، أو مفهوم المخالفة - وهو ثبوت حكم للمسكوت عنه مخالف لما دلّ عليه المنطوق - مما لا يعتد به عند القاضي، وقد قال فيه: إنه: «لا يعتبر في فروع الفقه، فكيف يعتبر في أصول الدين؟» فخالف في ذلك المتكلمين - وهو شافعي - وتابع الحنفية. انظر: شرح الأصول الخمسة: ص ٣٥٦ و ٢٦٧ وتفسير النصوص في الفقه الاسلامي، للدكتور الشيخ محمد أديب صالح، ص: ٤٥١ فما بعدها.

(٥) د: كلام اللّه.

(٦) د: ولا.

(٧) من الآية ١٨٥ في سورة البقرة.

(٨) ساقطة من د.

(٩) سورة النازعات: ٤٥.