متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 50 - الجزء 1

  أن يقدروا على «ما خبر وأعلم⁣(⁣١) أنه لا يقع،

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره إنما يدل على أنهم لا يؤمنون، وذلك يدل على أنهم لا يفعلون الإيمان، وليس في أن لا يفعل الموصوف دلالة على أنه «يقدر عليه أو⁣(⁣٢) لا يقدر عليه، فلا ظاهر للقوم يتعلقون به، وقد ثبت بالدليل أن القادر قد يقدر على ما يعلم أنه يختاره وعلى خلافه؛ لأن القدرة تتعلق بالضدين، وإنما يقع أحدهما⁣(⁣٣)؛ ولأنه تعالى قادر فيما لم يزل غير فاعل؛ ولأنه يقدر على الضدين، ولا يفعل أحدهما؛ ولأنه يقدر على ما لا نهاية له من الأجناس لا يفعلها⁣(⁣٤) وهو قادر على أن يقيم القيامة الآن ولا يفعلها، وكل ذلك يبطل قولهم إن ما علم أنه لا يقع، لا تصح القدرة عليه⁣(⁣٥).

  وبعد، فإن العلم يتعلق بالشيء على ما هو عليه⁣(⁣٦) ولا يؤثر فيه، فيجب أن يعلم ما له يفعل القادر أو لا يفعله، ثم نثبت العلم علما به⁣(⁣٧) على حقيقته. وقد شرحت هذه المسألة في مواضع، وصحتها يبين بطلان تعلقهم بهذه الآية.


(١) د: ما أخبر وعلم.

(٢) ساقطة من د.

(٣) فرق القاضي أولا بين «فعل» الايمان وحصوله، وبين «القدرة» عليه، وبين أنه لا يلزم من عدم الفعل عدم القدرة. ثم بين بعد ذلك أن هذه القدرة صالحة للضدين - أي أنه يصح من القادر أيهما شاء - لأنها لو لم تكن كذلك، لوجب أن يكون تكليف الكافر بالايمان تكليفا لما لا يطاق - فإذا فعل أحدهما فإن ذلك لا يعنى عدم القدرة على الآخر! انظر شرح الأصول الخمسة: ٣٩٦ - ٣٩٨. ومعلوم من مذهب جمهور المعتزلة أن القدرة متقدمة لمقدورها صالحة للضدين، انظر فيما مضى: ف: ١٣.

(٤) أي: أجناس المقدورات، وقد جمع المؤلف ما يجب على المكلف معرفته في أول صفات القديم ø، وهي القدرة، بقوله: «والأصل في ذلك أن تعلم أنه تعالى كان قادرا فيما لم يزل، ويكون قادرا فيما لا يزال، ولا يجوز خروجه عنها لضعف أو عجز، وأنه قادر على جميع أجناس المقدورات، ومن كل جنس على ما لا يتناهى، وأنه لا ينحصر مقدوره لا في الجنس ولا في العدد «انظر شرح الأصول الخمسة: ١٥٥ - ١٥٦.

(٥) انظر شرح الأصول الخمسة، ص: ٤١٨ فما بعدها.

(٦) د: به.

(٧) ساقطة من د.