متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

مقدمة التحقيق

صفحة 12 - الجزء 1

  على أن ورع القاضي في تطبيق مذهبه في هذا المقام مما يصعب تبريره في مواجهة العامة، حتى طعنوا على القاضي في قلة الوفاء⁣(⁣١) - كما رأينا - كما أنه كان أبعد ما يكون عن اعتبارات الولاء والصداقة والسياسة جميعا. وربما لم يكن له ما يبرره - في الواقع - في مذهب القاضي نفسه إذا صح ما تنسبه بعض المصادر إلى الصاحب من أن الكبيرة التي ارتكبها، والتي لم يعلم له القاضي توبة منها، كانت شرب النبيذ⁣(⁣٢)!.

  على أن القاضي، |، قد رمى من بعض خصومه بأنه لم يكن محمودا في القضاء - وهذا ما ينفيه عهد أمير المؤمنين الذي أشرنا إليه - كما أن التوحيدي، لسبب ما، انفرد بإفحاش القول فيه، حتى إنه لم يجد ما يعبر به عن استدعاء الصاحب له واعجابه به، غير قوله: «واتصل بابن عباد فراج عليه لحسن سمته ولزوم ناموسه!» وقبل أن يسترسل في ذم الكلام وأهله ويتوسع في ذلك، قال في القاضي: «وولى القضاء، وحصّل المال حتى ضاهى قارون في سعة المال؛ وهو مع ذلك نغل⁣(⁣٣) الباطن، خبيث المعتقد، قليل اليقين»⁣(⁣٤).

  ولقد علم أبو حيان - وكان حريا به الا يفرغ ما في نفسه على القاضي - أنه لم يصدق القول في الرجل، لأنه لا سبيل له إلى الاطلاع على باطنه، حتى يقول فيه إنه كان خبيث المعتقد أو قليل اليقين! ولأن الذي يدل عليه ظاهره - فيما كتب


(١) انظر معجم الأدباء لياقوت: ٦/ ٢٩٩.

(٢) راجع مذاهب التفسير الإسلامي لجولد زهير، ترجمة الدكتور النجار | ص ١٩٠.

(٣) نغلت نيته: ساءت، ونغل قلبه علىّ: ضغن. انظر أقرب الموارد ص ١٣٢٤.

(٤) راجع لسان الميزان لابن حجر: ٣/ ٣٨٦ - ٣٨٧.