متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

الفصل الأول القاضي عبد الجبار

صفحة 17 - الجزء 1

  وغنى عن البيان أن القاضي وهو يؤلف أو يملى في الكلام على مذهب أصحابه - وكان مقدّمهم وصاحب الرئاسة فيهم - ما كان له أن يتهاون في إقامة الدليل على بطلان مذهب خصومه من الأشاعرة وغيرهم!. بل على العكس من ذلك نجده فيما يتصل بالأشاعرة وإمامهم أبى الحسن، |، يشتد في القسوة عليهم في كثير من الأحيان، نظرا لغلبتهم على العامة، ولمعرفته بمواطن الضعف في هذا المذهب الذي كان قد نشأ عليه، ولهذا لا نجد في اتهام بعض كتاب التراجم له، كالذهبى وابن حجر، بأنه من غلاة المعتزلة، ما يوجب البحث والتأمل.

  لكن من طريف ما يتصل بهذا الموضوع ما نقله صاحب لسان الميزان عن الخليلي قال: «كتبت عنه، وكان ثقة في حديثه، لكنه داع إلى البدعة لا تحل الرواية عنه!⁣(⁣١)» وما نقله ابن العماد عن ابن قاضى شهبة قال: «وكان شافعي المذهب، وهو مع ذلك شيخ الاعتزال!⁣(⁣٢)»، وكأن الجمع بين المذهب الشافعي في الفروع، والاعتزال في الأصول، من المحال! أو كأن الشافعية لم يكن فيهم معتزلي واحد قبل القاضي عبد الجبار! سواء أكان من عامتهم، أم من شيوخهم!⁣(⁣٣)

وفي أصول الفقه:

  نجد ابن خلدون يتحدث عن أفضل ما كتب فيه على طريقة المتكلمين، فيجعل لكل من الأشعرية والمعتزلة في ذلك كتابين؛ البرهان: لإمام الحرمين


(١) ابن حجر: ٣/ ٣٨٧.

(٢) شذرات الذهب: ٣/ ٢٠٣.

(٣) انظر الفصل الذي عقده الحاكم للذين ذهبوا مذهب العدل من الفقهاء، والذي تحدث فيه عمن ذهب إلى الاعتزال من أصحاب الشافعي، ومنهم أبو بكر الصيرفي، وأبو بكر الدقاق، وأبو بكر القفال الشاشي: شرح عيون المسائل: ١ / ورقة ١٥٨، وانظر فيه قضاة الشافعية الذين كانوا يرون رأى المعتزلة، ورقة ١٣٤؛ والورقة ١٣٦.

[م - ٢ المقدمة]