[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  يخرج الكفار من النور إلى الظلمات(١)، وعلى أن الكفر(٢) من فعله(٣).
  ومتى تأولوا ذلك على بعض الوجوه عدلوا عن الظاهر!.
  وبعد، فلم صار تعالى وليا للذين آمنوا إن كان الإيمان من قبله تعالى ولا صنيع لهم فيه؟ ولم فصل بين المؤمن والكافر، فجعل أولياء الكافر الطاغوت، وخص نفسه بأنه يتولى المؤمن؟ إنما يدل ذلك على أن الكفر والإيمان من قبل العبد فيستحق بأحدهما الولاية، وبالآخر العداوة(٤).
  ٨٧ - دلالة: وقوله(٥) ø: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ}(٦) يدل على بطلان قول من نفى النظر وأبطل صحته، ويوجب أن معرفة اللّه تعالى تقع باكتساب(٧). ووجه لدلالة فيه ظاهر، وإنما بين إبراهيم له بما لا يصح وقوعه من فعل(٨) العباد، على أن للعالم صانعا مخالفا له، فلما كابر في
(١) د: الظلمة.
(٢) د: النور.
(٣) يلزمهم هذا لمكان الإضافة في الاخراج، في الأولى للّه ø، وفي الثانية إلى الطواغيت، قال الشريف المرتضى: «فكيف اقتضت الإضافة الأولى أن الايمان من فعل اللّه تعالى في المؤمن، ولم تقتض الإضافة الثانية أن الكفر من فعل الشياطين في الكفار! ...» انظر الأمالي ٢/ ١٥.
(٤) ف: العداوة.
(٥) د: قوله.
(٦) من الآية ٢٥٨.
(٧) تقدمت الإشارة إلى أن العلم باللّه تعالى، عند القاضي، ليس ضرورة، وإنما هو اكتساب يقوم على النظر والاستدلال، وذهب أصحاب المعارف وعلى رأسهم الجاحظ إلى القول بالطبائع، وأن العبد ليس له من فعل سوى الإرادة، وما عداها إنما يقع منهم طبعا لا اختيارا، فالعلم - ومنه معرفته سبحانه - ليس فعلا للعبد، ولا متولدا عن فعل آخر، وإنما يتم بالطبع والضرورة. وقد خص القاضي موضوع «النظر والمعارف» بجزء خاص من كتابه المغنى (الجزء ١٢) وهو من أوسع أجزاء هذه الموسوعة الكبرى.
انظر مقدمة الأستاذ الدكتور إبراهيم مدكور لهذا الجزء ص: د، وشرح الأصول الخمسة؛ ص ٥٢ فما بعدها.
(٨) د: قبل.