متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 136 - الجزء 1

  وقوله تعالى: {قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ؟ قالَ بَلى} يدل على بطلان ما سألوا عنه، وعلى أن المراد ما قلناه، ولمشاهدة إحياء الموتى على طريقة التدريج المعتاد، في باب الدلالة، ضرب من الظهور والكشف لا يمتنع لأجله أن يطلب الرسول من اللّه تعالى أن يفعله ليزداد طمأنينة قلب وشرح صدر.

  ٩٠ - دلالة: قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}⁣[٢٦٢] يدل على أن الحسنات تبطل بالكبائر⁣(⁣١) وأن فاعلها إنما يستحق ثوابها إذا لم تبطل بالمعاصي، [و] لولا ذلك لم يكن لقوله {ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً} معنى.

  ويدل على بطلان قول من قال: إن من⁣(⁣٢) فعل الطاعات لا يجوز أن يحبطها شيء⁣(⁣٣)، وأنه لا بد من أن يموت مؤمنا؛ لأنه ø قد بين أنه إنما يستحق الأجر متى لم يبطل الصدقات بالمن والأذى؛ لأنه قد⁣(⁣٤) يبطلها بهما جميعا!.

  ٩١ - مسألة: قالوا: ثم ذكر بعده ما يدل على أن الهدى ليس من البيان في شيء فقال: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ}⁣[٢٧٢]

  وهذا مما قد بينا القول فيه. وإنما أراد به أنه ليس عليه أن يهتدوا،


(١) ذهب المعتزلة إلى أن الكبيرة في عرف الشرع هي كل «ما يكون عقاب فاعله أكثر من ثوابه، إما محقّقا، وإما مقدّر»، وعندهم؛ (أن ما يستحقه المرء على الكبيرة من العقاب يحبط ثواب طاعاته، وما يستحقه على الصغيرة مكفّر في جنب ماله من الثواب).

شرح الأصول الخمسة، للقاضي؛ ص؛ ٦٣٢.

وانظر فيه ما كتبه عن الاحباط والتكفير؛ ٦٢٤ - ٦٣٧.

(٢) ساقطة من د.

(٣) ساقطة من ف.

(٤) ساقطة من د.