متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 137 - الجزء 1

  «ويريد بذلك أنه ليس عليه إثابتهم⁣(⁣١) والأخذ بهم في طريق الجنة، وأنه تعالى هو المختص بذلك.

  بدلالة قوله {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} و {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ}.

  أو يريد بذلك أنه ليس عليه إلا الدعاء، فأما القبول فإليهم، وإنما خاطبه بذلك على طريق التسلية والتعزية والتصبير له على ما يقع من الكفار، كما قال ø: {لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}⁣(⁣٢) وكقوله ø: {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ}⁣(⁣٣) إلى ما شاكله.

  ٩٢ - دلالة: وقوله ø: {فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ}⁣(⁣٤) يدل على أن من ليس بفاعل للشيء قد يستطيعه؛ لأنه تعالى بين أن من لا يستطيع أن يمل يملل وليه، فلو كانا جميعا لا يستطيعان قبل الفعل لم يكن لهذا القول معنى!

  وقوله: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} يدل على أنه يقدر⁣(⁣٥) أن يملى على وجهين، فأمره بذلك على وجه مخصوص، وهذا يدل على أن الإملاء يقع منه بالاختيار⁣(⁣٦).

  وقوله تعالى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا}⁣(⁣٧) يدل على أن الإباء يصح منهم. وقد بينا أن اللغة تقتضى أن من هذه حاله يقدر على الشيء وخلافه⁣(⁣٨).


(١) ساقط من د.

(٢) سورة الشعراء: ٣.

(٣) الشورى: ٤٨.

(٤) من آية المداينة ٢٨٢.

(٥) د: يقدر على.

(٦) د: باختياره.

(٧) من الآية السابقة.

(٨) انظر الفقرة: ٢٨.