متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 138 - الجزء 1

  وقوله ø: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ}⁣(⁣١) كمثل في أنه يدل على أنه قادر على الإعلان والكتمان.

  ٩٣ - وقوله: {وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} يدل على أن فعل القلب يستحق به العقاب⁣(⁣٢).

  ٩٤ - مسألة: قالوا: تم ذكر بعد ذلك ما يدل على أنه يفعل فيهم الكفر والضرر، فقال: {رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا}⁣(⁣٣) ودل أيضا على أنه يجوز أن يكلف ما لا يطاق، فقال: {رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ}⁣(⁣٤).

  والجواب عن ذلك: أنا قد بينا أن المسألة لا تدل على أن الشيء كيف حاله إذا فعل، وكشفنا القول في ذلك⁣(⁣٥)، فلا ظاهر لما قالوه: والمراد بذلك:

  أنهم طلبوا من اللّه التخفيف في التكليف؛ لأن الإصر: هو الأمر الشاق، وللعبد


(١) قال تعالى؛ {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} من الآية ٢٨٣.

(٢) زعم الكرامية أن الإيمان هو الإقرار باللسان فقط دون التصديق بالقلب ودون سائر الأعمال وينسب إليهم البغدادي القول بأن المنافقين مؤمنون، وأن إيمان الذين كانوا على عهد النبي منهم كإيمان الملائكة والأنبياء، وقد تابعه في ذلك - على عادته - الأسفراييني، في حين يوضح الشهرستاني أنهم فرقوا بين تسمية المؤمن مؤمنا فيما يرجع إلى أحكام الظاهر والتكليف، وفيما يرجع إلى أحكام الآخرة والجزاء، فالمنافق عندهم مؤمن في الدنيا حقيقة، مستحق للعقاب الأبدي في الآخرة، ولعلهم لا يجعلون - لذلك - إيمان المنافق كإيمان التي وإيمان جبريل وميكائيل! ولا يبدو - على أية حال - أنهم يجعلون فعل القلب مما لا يستحق به العقاب. انظر: شرح الأصول الخمسة: ٧٠٩، الفرق: ٢٢٣، التبصير في الدين للاسفرايينى يتحقق الشيخ زاهد الكوثري، ص: ١٠٣، الملل والنحل: ١/ ١٥٤. وارجع إلى الفقرة ٧٣.

(٣) من الآية الأخيرة ٢٨٦ في سورة البقرة.

(٤) من الآية السابقة.

(٥) انظر الفقرة ١٤.