[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  فأما استرجاع الهبة للأجنبي أو للوالد(١)، فذلك يعلم بالسمع(٢)، والواجب من جهة العقل أنه لا يحل الرجوع فيه، لأنه كسائر ماله بعد التمليك، فكما ليس له أخذ ما عدا الهبة من غير تراض فيه، فكذلك القول في الهبة، والشرع هو الذي ورد بجواز ذلك، فلا يصح أن يجعل ذلك جوابا لهذا السائل.
  ومن وجه آخر، وهو أنه إذا حسن أن يبيح استرجاع الهبة لأعواض عظيمة، لم يمتنع أن يحسن منه تزع الملك لعوض عظيم.
  ومن وجه آخر: وهو أنه قد يجوز أن يعلم أن استدامة الملك في ذلك العبد مفسدة، فيجب في الدين نزعه لا محالة.
  ١٠٣ - مسألة: فإن قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه خص الأنبياء À بما هم عليه من الفضل والصلاح، فقال: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ}[٣٣].
  والجواب عن ذلك: أنا قد بينا أن ظاهر الاصطفاء لا يدل إلا على أنه اختار لأمر خاص دون غيره(٣)، فمن أين أن(٤) المراد ما اختصوا به من الفضيلة؟ ويجب
(١) د: للولد.
(٢) روى الشافعي ¥ بسنده إلى عمر بن الخطاب ¥ أنه قال:
(من وهب هبة لصلة رحم، أو على وجه صدقة، فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد به الثواب فهو على هبته يرجع فيها إن لم يرض عنها) الأم: ٣/ ٢٨٣. وفي سنن النسائي: (لا يرجع أحد في هبة إلا والد من ولده) ٢/ ١٣٣ - ١٣٤، وفي ابن ماجة:
(لا يحل للرجل أن يعطي العطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده)، وفي رواية له:
(لا يرجع أحدكم في هبته إلا الوالد من ولده) سنن ابن ماجة ٢/ ٣٦. وانظر من خرج رواية النسائي أيضا وخلاف الفقهاء في هذا الموضوع: نيل الأوطار للشوكاني: ٥/ ٢٤٦ - ٢٤٩.
(٣) انظر الإشارة إلى هذا، الفقرة ٧١.
(٤) ساقطة من د.