[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  فلو كان جميعه من قبله تعالى لم يصح ذلك؛ لأنه تمدّح بذلك. ولا يصح ذلك وهو الخالق لجميع الظلم.
  فإن قال: إنما نفى أن يكون ظالما للعبيد، ولم ينف نفس الظلم(١)
  قيل له: لا يخلو من أن يكون قد تنزه عن أن يسمى بذلك، أو تنزه عن الظلم، ولا يجوز أن يحمل على الاسم، فليس إلا أنه تنزه عن فعل الظلم والإكثار منه، ولا يجرى هذا مجرى نفيه أن يتخذ الصاحبة والولد أو تأخذه السّنة والنوم؛ لأن هناك تنزه عما لا يجوز على ذاته؛ لأن إضافة تلك الأمور إلى من تضاف إليه يكون من جهة الفعلية، فالتنزه بنفيه(٢) يجب أن يقع على هذا الحد(٣).
  ومما يبين ذلك أنه تعالى أضاف إلى العبد جناياته وبين أنه لا يجازيه عليها إلا بالحق، ثم قال هذا القول، فقال {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ}(٤) ثم قال: {ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} مبينا بذلك أنه أذاقهم العذاب بما كان منهم من قتلهم، وحقق ذلك بقوله:
  {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} ولو كان هو الذي خلق فيهم «هذا القول وخلق فيهم(٥) قتل الأنبياء لم يصح «أن يقول ذلك، ولا كان فيه زيادة فيه في توبيخهم(٦) وتأكيد ما كان منهم.
(١) د: الكلام. وانظر الفقرة ١٢١ مع التعليق.
(٢) د: عنه.
(٣) د: الحال.
(٤) سورة آل عمران: ١٨١،
(٥) ساقط من د.
(٦) في د: «أن يقول ولا كان فيه في توبيخهم ...».