متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 181 - الجزء 1

  ثم يقال للقوم: إنه تعالى لو كان يخلق التوبة في التائب مع السلامة، وكذلك⁣(⁣١) في حال المعاينة، لم يكن ليفصل⁣(⁣٢) إحدى حالتيه من الأخرى، فيجوز أن يقبلها في حال دون حال، وإنما يصح ما ذكره تعالى إذا كان العبد هو الفاعل لها، فمتى⁣(⁣٣) اختارها مع السلامة قبلت وسقط عقاب فاعلها، وإذا اختارها والحال ما قلناه لم يعتد بها لورود الإلجاء والاضطرار اللذين يخرجان فعله عن الصحة، وعن أن يستحق به المدح.

  ١٥٠ - دلالة: وقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ...}⁣[٢٦] يدل على أنه تعالى قد أراد البيان والأدلة، ومن حق الدلالة «ألا تكون دلالة إلا⁣(⁣٤) وفاعلها قد أراد من المستدل أن يستدل بها، ولذلك لا يوصف اللص بأنه قد دل على نفسه بأثره، لما لم يرد ذلك، فيجب أن يدل⁣(⁣٥) ما ذكرناه على أنه تعالى أراد من جميع من أراد أن يبين لهم أن يستدل ويتبين، وفي ذلك إبطال قولهم إنه لم يرد ذلك ممن أعرض وتولى.

  وقوله تعالى من بعد: {وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ}⁣(⁣٦) يدل على مثل ما ذكرناه؛ لحق العطف الذي فيه.

  ١٥١ - دلالة: وقوله تعالى من بعد: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيماً ٢٧ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً}⁣[٢٧ - ٢٨] يدل على أنه تعالى يريد


(١) ف: وكذا.

(٢) ف: تنفصل.

(٣) ف: متى.

(٤) ساقط من د.

(٥) د: لا يدل على.

(٦) من تتمة الآية السابقة: ٢٦.