[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  ثم يقال للقوم: إنه تعالى لو كان يخلق التوبة في التائب مع السلامة، وكذلك(١) في حال المعاينة، لم يكن ليفصل(٢) إحدى حالتيه من الأخرى، فيجوز أن يقبلها في حال دون حال، وإنما يصح ما ذكره تعالى إذا كان العبد هو الفاعل لها، فمتى(٣) اختارها مع السلامة قبلت وسقط عقاب فاعلها، وإذا اختارها والحال ما قلناه لم يعتد بها لورود الإلجاء والاضطرار اللذين يخرجان فعله عن الصحة، وعن أن يستحق به المدح.
  ١٥٠ - دلالة: وقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ...}[٢٦] يدل على أنه تعالى قد أراد البيان والأدلة، ومن حق الدلالة «ألا تكون دلالة إلا(٤) وفاعلها قد أراد من المستدل أن يستدل بها، ولذلك لا يوصف اللص بأنه قد دل على نفسه بأثره، لما لم يرد ذلك، فيجب أن يدل(٥) ما ذكرناه على أنه تعالى أراد من جميع من أراد أن يبين لهم أن يستدل ويتبين، وفي ذلك إبطال قولهم إنه لم يرد ذلك ممن أعرض وتولى.
  وقوله تعالى من بعد: {وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ}(٦) يدل على مثل ما ذكرناه؛ لحق العطف الذي فيه.
  ١٥١ - دلالة: وقوله تعالى من بعد: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيماً ٢٧ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً}[٢٧ - ٢٨] يدل على أنه تعالى يريد
(١) ف: وكذا.
(٢) ف: تنفصل.
(٣) ف: متى.
(٤) ساقط من د.
(٥) د: لا يدل على.
(٦) من تتمة الآية السابقة: ٢٦.