[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  وكلاهما سواء في صحة النهى فيهما، فإن حمل على الأمرين ورد الوعيد عليهما جميعا.
  وإنما قال العلماء إن المراد به: ولا يقتل بعضكم بعضا، من حيث ثبت أن الإنسان ملجأ إلى أن لا يقتل نفسه، فلا يصح وحاله هذه أن ينهى عن القتل، فيجب إذا صرف النهى إلى الوجه الثاني، والوعيد إنما ورد على هذا الحد.
  فكل ذلك لا يؤثر في صحة دلالة الآية على ما ذكرناه.
  ١٥٣ - وقوله تعالى عقيب ذلك: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ...}[٣١] يدل على أن من لم يجتنب الكبائر لا تكفر سيّئاته، من حيث جعل اجتنابها شرطا في تكفير السيئات. وهذا يدل على أن من ارتكب الكبائر فهو من أهل النار، وإنما يغفر تعالى الصغائر لمن اجتنبها.
  وذكر هذه الآية عقيب ما تقدم من أكل المال بالباطل وقتل النفس، يدل على أن ذلك من الكبائر، فليس لأحد أن يحمله على أن المراد به الكفر دون غيره، وكيف يصح ذلك وقد ثبت في الشريعة في كثير من المعاصي أنها كبائر، كعقوق الوالدين، والزنا، وشرب الخمر، والقتل، إلى ما شاكله(١).
  ١٥٤ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه هو الذي يفعل الإصلاح بين الزوجين فقال: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما}[٣٥]
(١) انظر بعض الروايات في ذلك: فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر ١٠/ ٣٣٧ - ٣٤٠. سنن النسائي: ٢/ ١٦٥ جامع الترمذي ٨/ ٩٧.