مقدمة التحقيق
  ١٠ - المغنى في أبواب التوحيد والعدل(١).
  وبعد: فهذه صورة عن حياة القاضي التي لم تعد مجهولة لدى المشتغلين بالدراسات الفكرية في العالم الإسلامي، بعد أن سبق لكثير من العلماء والباحثين الكتابة فيها والحديث عنها، وتعريف بكتبه وآثاره التي وصل إلينا، والتي ساهمت في إعطاء صورة كاملة لمذهب المعتزلة الفكري - أو لما آل إليه هذا المذهب على أيدي المدرسة الجبائية - ومنزلة القاضي في هذا المذهب، وبالتالي في الفكر الإسلامي بوجه عام؛ قدمتها بين يدي الحديث عن كتابه في متشابه القرآن، وجهوده في ميدان الدراسات القرآنية بصفة عامة.
(١) وهو أجمع ما وصلنا من كتب القاضي، وكتب سائر المعتزلة في الكشف عن أصولهم والرد على الخصوم؛ وقد جمع فيه «كل ما يتعلق بأصول الدين» قال القاضي «وكما تقصينا طريقة الحق؛ فقد استوفينا شبه المخالفين وبينا حلها. وكما شرحنا اختلاف المقالات في كل باب فقد تقصينا ما تقتضيه قسمة؛ العقل لأن العلم لا يجب أن يكون موقوفا على ما حصل فيه الخلاف والنزاع دون ما لا يحصل فيه ... والواجب على طالب العلم أن ينتهي في نظره واستدلاله إلى نهاية ما يمكن من قسمة العقل، فيثبت الصحيح وينفى السقيم والباطل ...» انظر المغنى: ٢٠ - قسم ٢ - ص ٢٥٥.
ويقع الكتاب في عشرين جزءا أملاها القاضي في مدة عشرين عاما! قال |:
«وابتدأنا بهذا الكتاب في شهور سنة ٣٦٠ ستين وثلاثمائة؛ وفرغنا منه في شهور سنة ٣٨٠ ثمانين وثلاثمائة ... ولعل الناظر في كتابنا هذا يستطيل المدة التي أنفقت في إملائه؛ وقد كان يجوز ذلك لولا الاشتغال بالتدريس وغيره. ومع ذلك فقد أنفق من الأشغال ما يزيل العتب في استطالة المدة فيه؛ فمن ذلك ما أمليناه من الكتب في خلاله؛ كشرح المقالات وبيان المتشابه في القرآن، وكتاب الاعتماد؛ وشرح الجوامع؛ وكتاب التجريد، و ... إلى غير ذلك من أجوبة المسائل التي سارت بها الركبان. المصدر السابق، ص ٢٥٨.
وقد تم العثور على أربعة عشر جزءا من المغنى؛ حققت وطبعت، ولا زلنا نفتقد سائر الأجزاء؛ وهي: الأول والثاني والثالث والعاشر والثامن عشر والتاسع عشر. وقد أبان الأستاذ سعيد زائد في مقالة ضافية عن موضوع الأجزاء الموجودة، ونقل منها نصوصا توضح ذلك.
راجع مجلة تراث الإنسانية: المجلد الأول ص: ٩٨١ - ١٠٠٤.