[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  قليلهم كما لا يصح من كثيرهم، لأن المنع إذا عم فالممنوع فيه يجب أن يعم في أن لا يحصل.
  فإن قال: المراد بقوله: (إلا قليلا) أنهم يؤمنون إيمانا قليلا وإن لم يكونوا مؤمنين في الحقيقة، فحصول الطبع فيهم منع من الإيمان.
  قيل له: إن قوله: (إلا قليلا) يجب أن يعود في الإثبات إلى ما تقدم نفيه(١) والذي تقدم من ذلك قوله: (فلا يؤمنون) على الإطلاق، فيجب أن يراد بقوله: (إلا قليلا) أنهم يؤمنون، بالإطلاق، ومتى حمل على ما قاله فلا بد من تقدير حذف في الكلام، وفي ذلك زوال عن الظاهر.
  ثم يقال للقوم: إن قوله: (بل طبع اللّه عليها بكفرهم) يقتضى أن الطبع هو كالجزاء على الكفر، ولأجله فعل بهم، وكيف يجوز أن يكون منعا من الإيمان ولا يجوز من اللّه أن يعاقب الكافر بأن يمنعه من الإيمان؛ لأنه لو جاز ذلك لجاز أن يبعث أنبياءه بأن يمنعوا قومهم من الإيمان على سبيل العقوبة، كما أنه لو جاز أن يعاقب بأن يتولى العقاب، جاز أن يأمرهم بإقامة الحدود عقابا!
  فإن قال: أليس قد قال تعالى بعد ذلك: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ}[١٦٠].
  فجعل التحريم كالجزاء على الظلم، وإن لم يصح ذلك عندكم، فكذلك نقول في الطبع.
  قيل له: إن من حق هذا الكلام أن يقتضى ظاهره أن الثاني متعلق بالأول ويقع بسببه، فمتى دل الدليل على خلافه فهو عدول عن الظاهر، ولا يجب
(١) ساقطة من د.