متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 218 - الجزء 1

  الجزاء⁣(⁣١) لنقضهم الميثاق، فكيف يجوز حمل ذلك على أن المراد به نفس الكفر الذي لا فرق بين أن يقع عقيبا لغيره أو مبتدأ عندكم، في أن ذلك لا يكون جزاء وهذا يبين أن المراد بذلك ما يجرى مجرى اللعن من الذم والاستخفاف والاسم والحكم، على ما بينا.

  ولو كان تعالى خلق ذلك فيهم، لم يجز أن ينسب نقض الميثاق إليهم؛ لأن ذلك يتناقض.

  ١٨٦ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه المغرى بين الكفار حتى يقدموا على الكفر والمعصية، فقال: {وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ}⁣[١٤].

  والجواب عن ذلك: أن ظاهر الإغراء هو البعث على بعض⁣(⁣٢) الأمور بتقوية الدواعي، ولم يذكر تعالى أنه أغرى بينهم في ماذا، فيكون للقوم به تعلق!

  وظاهره إذا أطلق لم يعلم المراد به، لأنه لا يمكن أن يدعى فيه العموم، لأن لفظه ينبئ عن الإخبار عن أنه تعالى فعل ما سمى إغراء، فكما أن المخبر عن أنه ضرب، لا يقتضى كلامه العموم، فكذلك إذا قيل أغرى.

  فإن قيل: فقد ذكر تعالى العداوة والبغضاء!

  قيل له: فهذا يبطل قولك: إن المراد به الكفر والمعصية!

  فإن قال: إن عداوة بعضهم لبعض هو كفر، فلذلك حملت الآية عليه!

  قيل له: ليس الأمر كذلك، لأن اليهودي إذا عادى النصراني من حيث


(١) ساقطة من د.

(٢) ساقطة من د.