[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  قال: «إن اللّه(١) ثالث ثلاثة، فقد فعل الواجب، ومتى عادى النصراني اليهودي في تكذيبه بعيسى، فقد فعل اللازم، وتمسكهما بأنواع الكفر لا يخرج هذه العداوة منهما من أن تكون صحيحة.
  وإنما أراد تعالى أن يبين لكل واحد من الفريقين معاداة الآخر(٢) في هذا الباب، فأمرهم بذلك وبعثهم عليه. وهذا هو المراد بقوله تعالى بعد ذلك:
  {وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ}(٣).
  ولو حملت الآية على أنه تعالى أكثر من إخطار ذلك ببالهم فلم يغفلوا عن سبب عداوة بعضهم لبعض، ولا ضلوا عنه فصار ذلك مغريا، جاز أيضا، وكل ذلك يفسد ما تعلقوا به.
  ١٨٧ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى فيها ما يدل على أنه يخص بالهدى من آمن به واتبع رضوانه، فقال: {قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ}(٤). وذلك يوجب أن الهدى من اللّه هو الإيمان.
  والجواب عن ذلك: أنه تعالى بين أنه جاءهم من اللّه نور، يعنى: الكتاب، وسماه نورا على جهة التشبيه لما كان يهتدى به، من حيث كان دليلا، كما يهتدى بالنور في ظلم الليل، ولم يخص في هذا الباب مكلفا من مكلف، فيجب كونه دلالة للجميع.
(١) ف: في اللّه إنه.
(٢) في د: الأخرى.
(٣) من الآية: ٦٤ في سورة المائدة.
(٤) من الآيتين: ١٥ - ١٦: من سورة المائدة، وتتمة السادسة عشرة قوله: {وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}