[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  وقوله: {وَكِتابٌ مُبِينٌ} يدل على ذلك؛ لأنه لم يخص في كونه بيانا واحد دون واحد.
  وقوله: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} مقيد؛ لأنه تعالى بين أنه يهدى بذلك إلى سبل السلام، يعنى: إلى طريق الجنة، وهذه الهداية تختص من اتبع رضوانه، لأنه المستحق لهذا دون غيره ممن اتبع سخطه وعدل عن رضوانه.
  وقوله تعالى: {وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ} يجوز أن يراد به العدول عن طريق النار إلى طريق الجنة، ويجوز أن يراد به أن الكتاب يدلهم ويبعثهم على الإيمان والطاعة، فيخرجهم من الظلمات إلى النور، وليس للقوم فيه تعلق؛ لأن الظلمة والنور إذا لم يرد به الأجسام الرقيقة المختصة بالضياء والسواد، فهو مجاز، فلا ظاهر لهم يتعلقون به!
  ١٨٨ - وقوله تعالى: {وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} يعنى: الدين المستقيم، أو طريق الجنة، على ما بيناه في فاتحة الكتاب(١).
  ١٨٩ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن أخذ البرئ بجرم غيره يجوز، وعلى أن إرادة(٢) القبيح قد تحسن، فقال: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ ٢٨ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ}[٢٨ - ٢٩] ... فحكى تعالى عن المطيع منهما - «من غير أن يذمه أو يكذبه - أنه يريد أن ينزل(٣) به إثمه واثم غيره وهو الذي ذكرناه!
(١) انظر الفقرة: ١٤.
(٢) في د: أراد.
(٣) في د: من غير أن ذمه وكذبه أنه يريد أن يريد أن ينزل.