[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  والجواب عن ذلك: أن قوله: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ} ظاهره يقتضى أنه يريد أن ينزل به عقابهما جميعا، أو تقع منه معصيتهما! وذلك يتناقض! لأن ما يكون عقابا بالواحد لا يصح أن ينزل بالآخر.
  وإنما الذي يصح «في ذلك(١) أن يفعل بالآخر أمثال ذلك العقاب؛ لأن من حق العقاب أن يوصف به الواقع على طريق الاستحقاق، فلا ظاهر للقوم يتعلقون به.
  والمراد(٢) بذلك أنه تعالى ذكر قبل هذه الآية أن ابني آدم قرّبا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر(٣) فدل بذلك على أنه لم يتقبل منه لمعصية وقعت منه، وأنه حسد أخاه الذي قبل قربانه فهمّ بقتله، فعند ذلك قال: إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك، بمعنى: بإثم قتلك لي، فلما كان القتل متعلقا به جعل الإثم مضافا إليه.
  وأراد بقوله: {وَإِثْمِكَ} يعنى: إثم المعصية التي أقدمت عليها، ورد قربانك لأجلها، وهذا كما يقول القائل فيمن ظلمه: أريد أن تلعن وتعاقب على ظلمي، فمن حيث كان ذلك الظلم متعلقا به، أضافه إلى نفسه.
  ولم يرد بالإثم في هذا المكان: المعصية، فيكون هابيل مريدا للمعصية من أخيه قابيل، بل أراد به المستحق على المعصبة. ولذلك قال بعده: {فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ}(٤) فبين أنه يريد أن ينزل به كلا(٥) العقوبتين فيدخل النار ويحلان به(٦)، وأن ذلك هو الذي يستحقه الظالم القاتل للنفس المحرمة.
(١) ساقط من ف.
(٢) ساقطة من د.
(٣) الآية السابقة - ٢٧ - قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}.
(٤) تتمة الآية.
(٥) كذا في النسختين والصواب (كلتا).
(٦) كذا في النسختين؛ ولعل الصواب: ويحل به الإثم.