مقدمة التحقيق
  والمتشابه» قبل أن نقف عند زعم ابن العربي أن القاضي أخذ تفسيره من كتاب أبى الحسن الأشعري. وفي ذلك نورد الملاحظات الآتية:
  ١ - ابن العربي، المتوفى عام ٥٤٣ لم يطلع على كتاب أبى الحسن الأشعري، لأن الصاحب ابن عباد قد أحرقه كما يزعم ابن العربي نفسه(١)، وقد وزر الصاحب لبنى بويه في حدود عام ٣٦٠ وتوفى عام ٣٨٥(٢)، ونسخة الكتاب واحدة لم يكن غيرها «ففقدت من أيدي الناس»، فقول ابن العربي في تفسير الأشعري:
  «ومنه أخذ عبد الجبار كتابه في تفسير القرآن» وقد فقد المقارنة بين الكتابين؛ لا دليل عليه!.
  ولا يصح أن يقال أن هذه المقارنة قد أتيحت لابن العربي بما حكاه ابن فورك عن كتاب الأشعري، لأن مثل هذه الحكايات لا تتيح الفرصة الكافية لاتهام عريض يقوم على أن القاضي «قد أخذ كتابه من تفسير الأشعري».
  ولقد كان يجوز، بناء على هذه الحكايات، أن يقال: إن القاضي قد أفاد من كتاب أبى الحسن - مثلا - أو أخذ منه، لا أن يقال إنه أخذ كتابه في التفسير - جملة - منه!
  ومن ناحية أخرى، فإننا لا نرى وجها لقول ابن العربي في ابن فورك،
(١) نحن نناقش كلام ابن العربي، على فرض صحة زعمه بأن الصاحب قد أحرق الكتاب فعلا! وإلا فنحن نستبعد ذلك من الأصل، فمثل الصاحب في علمه وسعة اطلاعه ووقوفه على حقيقة التفسيرين، لا يقدم على هذا العمل، ويرى الأستاذ لشيخ زاهد الكوثري | أن هذا الزعم من اختلاق أبى حيان التوحيدي، وإن عول عليه ابن العربي، وأن أبا حيان كثير الاختلاق على الصاحب رحمهما اللّه. وقال الشيخ زاهد في حديثه عن تفسير الأشعري إن المقريزي ذكر إنه في سبعين مجلدا - لاختلاف الخط - وإن ابن فورك كثير النقل عنه. كما أشار إلى أن التاج بن السبكي قال إنه اطلع على مجلد منه، وأنه - أي الشيخ زاهد - أطال البحث عنه في خزائن الكتب، لكنه لم يتمكن من العثور على شيء منه. انظر تبيين كذب المفترى. ص:
١٣٦ - ١٣٧. الخطط للمقريزي: ٢/ ٣٥٨.
(٢) انظر رسائل الصاحب ابن عباد، مقدمة التحقيق: (ز - ح).