[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  وبعد، فإن إثبات الجارحتين لا تعلق له بالإنفاق على وجه، فيجب حمل الكلام على ما يفيد هذا الوجه ويفيد نقض قول اليهود فيما قالوه، ومعلوم من حالهم أنهم لم يريدوا أن يد اللّه مغلولة في الحقيقة، وإنما نسبوه إلى البخل، وأنه يقتر أرزاق العباد، فيجب فيما أورده تعالى على جهة التكذيب لهم أن يكون محمولا على نقيض قولهم، وذلك يقتضى ما قلناه.
  والعرب قد تصف اليد بما ينبئ عن البخل مرة والجود مرة أخرى، فتقول:
  فلان جعد اليد، وكزّ اليد، وواسع اليد، إلى غير ذلك، والقرآن نزل بلغتهم «فيجب حمل الكلام(١) على ما تقتضيه.
  ١٩٨ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعد ذلك ما يدل على أن القرآن يزيد كثيرا من المكلفين كفرا، فقال: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً}(٢)
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أن الكتاب هو الذي يزيدهم كفرا، وهذا مما لا يقول به أحد، فلا بد من حذف في الكلام والدخول تحت التأويل، والإقرار بأن حالهم في الظاهر كحالنا(٣) فيه، فكيف يصح تعلقهم بالظاهر؟.
  والمراد بذلك: أنهم يزدادون عند إنزاله تعالى ذلك(٤) طغيانا وكفرا، من حيث يكفرون به ولا يؤمنون، وهذا كقوله: {وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً}(٥)؟ وكقوله تعالى:
  {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ}(٦) وقد ثبت في اللغة صحة إضافة
(١) ساقط من ف.
(٢) من تتمة - الآية ٦٤ السابقة.
(٣) ف: كحاله.
(٤) ساقطة من د.
(٥) من - الآية: ١٢٤ في سورة التوبة.
(٦) من الآية: ٣٦ في سورة إبراهيم.