ومن سورة الأنعام
  ما قاله المخالف أدى ذلك إلى التخصيص، وأن يكون واردا في المقتول فقط، [والأول(١)] أولى.
  وقوله: {ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ} يقوى ما قلناه، لأنه أنكر عليهم التوقف والشك في القيامة والحشر والإعادة. وهذا بين(٢).
  ٢٠٣ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى فيها ما يدل على أنه جسم يجوز عليه الأماكن، فقال: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ}[٣].
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أنه في الوقت الواحد في السماوات والأرض، وهذا يستحيل على الأجسام المحتاجة إلى مكان؛ لأن ثبوتها في مكان يمنع من كونها في غيره، ولو أراد تعالى أن يدل على أنه ليس بجسم لم يكن ليزيد على هذه الصفة، لأن وصفه نفسه بأنه في السماوات والأرض يقتضى أنه لم يجعلها مكانا له، لاستحالة ذلك(٣) فيما يجوز عليه المكان، فيجب أن يحمل الأمر على أنه جعلها ظرفا لتدبيره واقتداره وتصريفه(٤) لهما على إرادته، أو يحمل الأمر على أنه محيط بهما علما، ولذلك قال تعالى: {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} فنبه بذلك على أنه فيهما، بمعنى أنه لا يخفى عليه أحوالهما، كما لا يخفى على الحاضر
(١) ساقطة من د. وفي ف: وهو!
(٢) انظر الفصل الذي كتبه القاضي في المغنى: ١١ (التكليف) ١٨ - ٢٥ «في أن المقتول وغيره لا يموت إلا بأجله. وأن الزيادة والنقصان في الأجل لا تصح. وأن القول بإثبات الأجلين باطل» وما فسر به الآيات التي يتعلق بها المخالف. ص: ٢٣ - ٢٥.
ومنها آية سورة الأنعام هذه.
(٣) د: ذلك عليه.
(٤) في د: وتصرفه.