متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 238 - الجزء 1

  {وَهُوَ الْقاهِرُ} «ثم ذكر ما يقتضى [بيان] حاله في ذلك فقال⁣(⁣١) {فَوْقَ عِبادِهِ} وهذا كقوله: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}⁣(⁣٢) ومتى قيل هذا القول في بعض الأوصاف فالمراد به المبالغة في تلك الصفة؛ لأنا إذا قلنا: زيد عالم «فوق غيره⁣(⁣٣) فإنما يفهم منه المبالغة فيما قدمناه من الصفة، يبين ذلك أنا إن حملنا الآية على ظاهرها وجب كونه في السماء فقط، وينقض ما تقدم من استدلالهم على أنه في السماوات والأرضين.

  ٢٠٥ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعد ما يدل على أن الكذب قد يحسن، وأنه قد يجوز على أهل الآخرة وإن كان قبيحا! فقال تعالى:

  {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ ٢٣ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ}⁣(⁣٤) فخبر عنهم بأنهم كذبوا في الآخرة، وهو الذي قلناه.

  والجواب عن ذلك: أن الكذب قد ثبت أنه يقبح لكونه كذبا، وإن كان لا يكون كذلك إلا بأن يقصد المخبر به الوجه الذي يقع عليه كذبا، ولولا صحة ذلك - وكان إنما يقبح؛ لأنه لا نفع فيه ولا دفع ضرر ولا مصلحة - لكان كالصدق في بابه، فكان يجب إذا دفع العاقل إليهما عند نفع أو دفع مضرة، أن يجوز أن يكون حالهما عنده سواء، وقد علمنا فساد ذلك، وثبت أيضا أنه تعالى يلجئ أهل الآخرة إلى أن لا يفعلوا القبيح؛ لأنهم لو كانوا كأهل


(١) ساقط من د. والكلمة التي بين معكوفتين فيها خرم. وهي أقرب ما تكون إلى ما أثبتنا.

(٢) من الآية: ١٠ في سورة الفتح.

(٣) ساقط من ف.

(٤) الآية: ٢٣ ومن الآية: ٢٤