[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  بين أنه ذهب عنهم ما أقدموا عليه من الكذب والافتراء، وهذا يشاكل ما قدمناه من التأويل.
  ٢٠٦ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه قد منع الكافر من الإيمان بمنع فعله في قلبه وسمعه، فقال: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً}[٢٥].
  والجواب عن ذلك: أن المعلوم من حال الكفار، في زمن رسول اللّه صلى اللّه عليه، أنهم لم يكونوا بهذه الصفة، وكيف يجوز ذلك وقد ثبت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه كان يدعوهم وينذرهم ويحذرهم ويبعثهم على تدبر القرآن، ويتوعدهم على الإعراض عنه، ولا يجوز أن يكون هذا حالهم وقد منعوا من أن يفقهوه، وصرفوا عن أن يسمعوه؛ لأن ذلك يتناقض!
  وبعد(١)، فان ظاهر الكلام يقتضى أنهم يستمعون إليه، وأنهم مع ذلك بالصفة التي ذكروها، وهذا متناف إذا حمل على ظاهره!
  وبعد، فإنه تعالى ذمهم بذلك، وذمهم أيضا إعراضهم(٢) عن الآيات فقال: {وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها}(٣) ونبه بذلك على أنه لو كان في المعلوم «ما يؤمنون عنده(٤) لفعله تعالى، ولا يصح والحال هذه أن يكون قد منعهم من أن يفقهوا وأن يسمعوا!
= قبلها في مثل هذا غير واجبة» على أنه بعد أن ذكر في تأويل الآية ما قاله القاضي. قال:
«ولو كان للآية ظاهر يقتضى وقوع ذلك في الآخرة لحملناه على الدنيا. بدلالة أن أهل الآخرة لا يجوز أن يكذبوا؛ لأنهم ملجئون إلى ترك القبيح» الأمالي: ٢/ ٢٧١ - ٢٧٢.
(١) د: وبعد ذلك.
(٢) ساقطة من ف.
(٣) من تتمة - الآية السابقة: ٢٥
(٤) ساقط من ف.