متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

مقدمة التحقيق

صفحة 31 - الجزء 1

  وقد وجده يحكى عن كتاب الأشعري: «فلا أدرى وقع على بعضه! أم أخذه.

  من أفواه الرجال؟»؛ لأنه ليس هناك ما يمنع أن يكون ابن فورك قد اطلع على النسخة التي تحدث عنها ابن العربي قبل أن يحرقها الصاحب، وإذا كان ابن العربي قد حكم على القاضي بأنه «قد أخذ كتابه في التفسير من كتاب الأشعري» والقاضي قد توفى عام ٤١٥ فهلا حكم بإمكان أن يكون ابن فورك قد قرأه واطلع عليه، وهو أشعري حرىّ به أن يطلع على تراث إمامه، وقد توفى ابن فورك عام ٤٠٦⁣(⁣١).

  ٢ - وعلى فرض أن ابن العربي قد أخذ كلامه هذا عمن اطلع على الكتابين، وقارن بينهما، في أحسن الأحوال، فوجد القاضي قد أخذ تفسيره عن أبي الحسن، فإن لنا - على هذا الفرض - أن نقول: إن منهج الرجلين متباين أشد التباين.

  ويبعد أن ينقل أحدهما عن الآخر! إلى جانب أن منزلة أبى الحسن الأشعري عند القاضي، والتي يدل عليها تشنيعه الكثير عليه. وقوله في اسمه: ابن أبي بشر المخذول! ... ونحو ذلك، لا تبيح له مثل هذا لأخذ!⁣(⁣٢)

  فان قيل؛ إن اختلاف المناهج لا يظهر أثره بوضوح إلا في الآيات المتشابهة


(١) ابن فورك: هو أبو بكر محمد بن الحسن، من أئمة الأشعرية، كان فقيها أصوليا واعظا، أخذ العلم عن أبي الحسن الباهلي، وكان أخص به من الباقلاني والأسفراييني، وقد أخذا عنه أيضا: من كتبه: كتاب مشكل الحديث انظر الطبقات للسبكي: ٣/ ٥٢. تبيين كذب المفترى ص: ٢٤٤، الأعلام ٦/ ٣١٣.

(٢) انظر شرح الأصول الخمسة، في مواضع متفرقة، الصفحات: ٣٣٥، ٤٠٠، ٤٠١، ٤٧٧. وانظر في الصفحة ١٨٣ عند كلام القاضي عن كيفية استحقاقه تعالى للصفات، حيث عرض لرأى الأشعري في ذلك آخرا، قوله: (ثم نبغ الأشعري؛ وأطلق القول بأنه تعالى يستحق هذه الصفات لمعان قديمة؛ لوقاحته وقلة مبالاته بالإسلام والمسلمين)!