متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 268 - الجزء 1

  قرئ ذلك مخففا ومشددا⁣(⁣١) فإذا قرئ⁣(⁣٢) مخففا فالكلام ظاهر في أنه تعالى كذبهم في المقالة، من حيث ذكر أن من قبلهم كذبوا في مثل هذه المقالة. وإذا قرئ مشددا، فالمراد به: كذلك كذب الذين من قبلهم الرسل⁣(⁣٣) فيما دعوهم إليه، فلا يخلو من أن «يكونوا دعوهم⁣(⁣٤) إلى مثل هذه المقالة، أو إلى ضدها.

  فإن كانوا دعوا إلى مثلها، فالقول به ليس بتكذيب، بل يجب أن يكون تصديقا فلم يبق إلا أنهم دعوهم إلى ضدها، وهو القول بأنه تعالى⁣(⁣٥) لم يشأ الشرك وأنه لا يقع من المشركين لأجل مشيئته.

  «ومن وجه آخر⁣(⁣٦) وهو قوله تعالى: {حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا} لأن المراد بذلك: عذابنا، ولا يجوز أن يقال ذلك إلا في ارتكاب الباطل من المذاهب.

  ومن جهة أخرى، وهو قوله تعالى: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا} ولا يقال ذلك عقيب حكاية قول ومذهب إلا على جهة التحقيق لبطلان ذلك المذهب والقول به، ونسب القائل إلى أنه عدل عن طريقة الحجة وسلك طريقة الشبهة.

  «ومن جهة أخرى، وهو قوله تعالى: {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} لأن ذلك إذا ذكر في المذاهب فهو من أقوى الدلالة على بطلان التمسك بذلك⁣(⁣٧).

  ومن جهة أخرى، وهو قوله تعالى: {وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} يعنى:

  تكذبون. كما قال: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} فكل من أخبر بما لا يحققه مقدرا فيه الصدق وهو في الحقيقة كاذب، يقال إنه متخرص. وكل ذلك يبين صحة ما نقوله


(١) ساقط من د.

(٢) د: يجزى.

(٣) في د: من الرسل.

(٤) د: تكون دعوتهم.

(٥) د: بعلمه.

(٦) ف: ومن جهة أخرى.

(٧) ساقط من د.