متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 271 - الجزء 1

  وإنما أراد تعالى الترغيب في الطاعة بتضمن التفضل مع الثواب، فأما المعصية فيما لا يجوز أن يفعل في عقابها أكثر من المستحق، لا عقابا ولا تفضلا، لأن الابتداء بذلك ظلم، تعالى اللّه عنه! فزجر عنه تعالى بالقدر الذي يصح الزجر به، لأن الزيادة فيه قبيحة، فلا يجوز أن يتوعد تعالى بها، ولذلك قال عقيبه: {وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}⁣(⁣١) مبينا بذلك أنه لا يفعل إلا القدر المستحق ولو كان الأمر كما قالوا، فالواجب - لو فعل اضعاف ذلك - أن لا يكون ذلك ظلما، فكان لا يكون لهذا القول معنى!

  وربما سألت المرجئة عن هذه المسألة فقالت: إنه تعالى بين أن الذي يستحق على الطاعة أكثر مما يستحق على المعصية، فيجب في الجامع بين الأمرين أن تكون طاعته أغلب وباستحقاق الجنة أولى، وهذا يوجب في مرتكبى الكبائر من أهل الصلاة أنهم من أهل الجنة!

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره إنما يوجب إزالة هذين القدرين في الطاعة والمعصية، ولا يدل على أن جميع ما تضمنه على الطاعة مستحق، فمن أين أن الثواب للطائع إذا ارتكب كبيرة أكثر من عقابه.

  وقد بينا أن الآية لا تدل على المقدار، فلا يصح تعلقهم بهذا⁣(⁣٢) من هذا الوجه أيضا.

  على أن هذا القول يوجب أن يقطعوا بأن الجامع بين الأمرين إذا كان عدد⁣(⁣٣) طاعاته أكثر، «أن يكون⁣(⁣٤) من أهل الجنة، وليس ذلك قولهم، لأنهم يجوزون أن يخلد في النار، وأن يعفى عنه بأن لا يدخلها، أو بأن يخرج عنها.


(١) تتمة الآية السابقة ١٦٠.

(٢) لعل الأصوب: بها.

(٣) في د: عددا.

(٤) ساقط من د.