متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 272 - الجزء 1

  ويوجب أن يقطعوا بمثله فيمن كثرت طاعاته ووقعت منه في آخر عمره معصية وكفر.

  ويوجب عليهم القول بأن من كثرت معاصيه وزادت على طاعاته، وهو من أهل الصلاة، أن يكون من أهل النار قطعا، وكل ذلك بخلاف مذهبهم.

  ٢٤٥ - دلالة: وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}⁣[١٦١] يدل على أن الهدى بمعنى الدلالة، ولذلك قال تعالى بعده:

  {دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً}⁣(⁣١) مبينا بذلك المراد بالصراط المستقيم.

  وقال بعده: {مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً}⁣(⁣٢) وقد بينا أن تخصيصه بهذا الهدى الرسول وغيره من المتقين والمفلحين لا يمنع من أن يكون دلالة لغيرهم⁣(⁣٣).

  ٢٤٦ - وقوله تعالى بعد ذلك: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها}⁣(⁣٤) يدل على أن العبد موجد لما يفعله؛ لأنه لو كان مخلوقا فيه لوجب أن يكون خالق ذلك هو الذي جنى عليه إذا كان ذلك مضرة، فكان لا يصح أن يلام وتقام عليه الحجة، بأن يقال: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها} وكان لا يصح أيضا ما ذكره من قوله: {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى}؛ لأنه كان يجب أن يكون كاذبا، تعالى اللّه عن ذلك، من حيث لا يزر الإنسان إلا بفعل غيره ولأجل ما يخلق فيه. وهذا واضح في الدلالة على ما نقوله من العدل.


(١) تتمة الآية السابقة.

(٢) الأصوب في استشهاده السابق أن يقتصر على قوله: [دينا قيما].

(٣) انظر الفقرة: ١٦.

(٤) من الآية: ١٦٤ وبعده: {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى}.