متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 275 - الجزء 1

  عمل، وإن كان هو عارفا بمقداره، فكذلك ما ذكرناه.

  ٢٥٠ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه أغوى إبليس وأوقعه في المعاصي، فقال: {قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}⁣[١٦].

  والجواب عن ذلك: أن ظاهر الغواية ليس ما ذكروه من المعصية، وقد «ذكر أهل اللغة أنه قد⁣(⁣١) تكون بمعنى الحرمان وحلول المضار والهلاك، وأنشدوا في ذلك قول الشاعر:

  فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره ... ومن يغو لا يعدم على الغى لائما⁣(⁣٢)

  وبينوا أن المراد به الخيبة والحرمان «الذي يكون نقيضا⁣(⁣٣) للخير الذي يلقاه، فإذا صح ذلك وجب حمل الآية على أن المراد بها هذا المعنى؛ لأنه تعالى خيب إبليس من رحمته ونعمته، وحرمه⁣(⁣٤) ذلك وأظهر ذلك من حاله، فعند ذلك لحقه اليأس، فقال: {فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} يريد به⁣(⁣٥) أنه يبذل الجهد في ردهم عن الطريقة المستقيمة إلى ما يدعوهم إليه من المعاصي «لا أنه⁣(⁣٦) أراد القعود في الحقيقة، وهذا ظاهر في اللغة.


(١) ساقط من ف.

(٢) البيت للمرقش الأصغر، من قصيدة مطلعها:

ألا يا أسلمي لا صرم لي اليوم فاطما ... ولا أبدا ما دام وصلك دائما

انظر المفضليات، تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر وعبد السلام هارون، طبعة دار المعارف ستة ١٩٦٤. ص: ٢٤٧.

(٣) د: الذي نقصا.

(٤) د: وحرم.

(٥) ساقطة من د.

(٦) في د: لأنه.