[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  عمل، وإن كان هو عارفا بمقداره، فكذلك ما ذكرناه.
  ٢٥٠ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه أغوى إبليس وأوقعه في المعاصي، فقال: {قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}[١٦].
  والجواب عن ذلك: أن ظاهر الغواية ليس ما ذكروه من المعصية، وقد «ذكر أهل اللغة أنه قد(١) تكون بمعنى الحرمان وحلول المضار والهلاك، وأنشدوا في ذلك قول الشاعر:
  فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره ... ومن يغو لا يعدم على الغى لائما(٢)
  وبينوا أن المراد به الخيبة والحرمان «الذي يكون نقيضا(٣) للخير الذي يلقاه، فإذا صح ذلك وجب حمل الآية على أن المراد بها هذا المعنى؛ لأنه تعالى خيب إبليس من رحمته ونعمته، وحرمه(٤) ذلك وأظهر ذلك من حاله، فعند ذلك لحقه اليأس، فقال: {فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} يريد به(٥) أنه يبذل الجهد في ردهم عن الطريقة المستقيمة إلى ما يدعوهم إليه من المعاصي «لا أنه(٦) أراد القعود في الحقيقة، وهذا ظاهر في اللغة.
(١) ساقط من ف.
(٢) البيت للمرقش الأصغر، من قصيدة مطلعها:
ألا يا أسلمي لا صرم لي اليوم فاطما ... ولا أبدا ما دام وصلك دائما
انظر المفضليات، تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر وعبد السلام هارون، طبعة دار المعارف ستة ١٩٦٤. ص: ٢٤٧.
(٣) د: الذي نقصا.
(٤) د: وحرم.
(٥) ساقطة من د.
(٦) في د: لأنه.