متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 277 - الجزء 1

  من قبله، ولذلك حكى تعالى عن الشيطان أنه لم يكن له عليهم سلطان، وأنهم إنما ضلوا بسوء اختيارهم عند دعائه.

  ثم يقال للقوم في هذه المسألة: إن كان تعالى هو الذي يخلق الضلال والكفر فما الوجه في دعاء إبليس، وهل وجوده إلا كعدمه؟ وكيف يمكن أن يقال إنه يضل العباد، والضلال هو من فعل اللّه تعالى! ولو اجتهد إبليس في خلافه لم يكن الضال إلا ضالا، من حيث خلق الضلال فيه، فيجب على قولكم أن يكون خلقه إبليس وخلقه فيه الدعاء عبثا، بل يجب أن يكون بعثه للأنبياء بهذه المنزلة! لأن وجود دعائهم كعدمه [لأنه] إن أراد تعالى خلق الإيمان وجد لا محالة في المدعو، وإن أراد خلافه فكمثل، ويجب أن لا يكون إبليس بالذم أحق من الأنبياء، لأنه تعالى لو خلق فيه الدعاء إلى الخير لكان مثلهم، ولو خلق فيهم الدعاء إلى الشر لكانوا مثله، فإنما ينقلبون وتختلف بهم الأحوال بحسب تصريفه ø لهم، فما وجه الفضيلة والحال هذه؟!

  ٢٥١ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن آدم # وقع منه الظلم والكبائر، وأنه مع ذلك لم يخرج عن أن يكون نبيا مؤمنا فقال:

  {قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ}⁣[٢٣] فنسبا أنفسهما إلى الظلم الذي يقتضى الذم، وخبرا⁣(⁣١) من حالهما بأنه لو لم يغفر لهما لكانا من الخاسرين، وذلك لا يصح فيمن ذنبه مغفور ومعصيته صغيرة⁣(⁣٢).


(١) في د: حبر.

(٢) جوز الكرامية على الأنبياء فعل الكبائر من القتل والزنا ونحو ذلك! ونقل ابن =