متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 278 - الجزء 1

  والجواب عن ذلك: أنه بين من حالهما أنهما أقدما على ما نهاهما عنه - وإن كان ذلك عند ذهابهما عن الاستدلال - على طريق التعمد؛ لأنهما لم يتناولا مما أشير إليه بالتحريم، لكنهما دلّا على أن المراد الجنس فظناه العين، وكان الواجب عليهما أن يستدلا بما نصب من الدليل، فيعرفا المراد به، فلما ذهبا عن ذلك، وأقدما على الأكل منه، كانا ظالمين لأنفسهما؛ لأنهما حرماها بعض ما حصل لهما من الثواب، والمفوت [على] نفسه المنافع كالجالب إليها المضار، في أنه يوصف بأنه ظالم لنفسه، ولذلك نسبا أنفسهما إلى الظلم، ووصف الظالم بأنه ظالم ليس بذم؛ لأنه يجرى على طريق الاشتقاق، ولذلك قالت العرب:

  هو أظلم من حية، وإن لم يصح فيها الذم، وإذا أريد به الذم صار منقولا، ويخالف وصف الفاسق بأنه فاسق؛ لأن ذلك وضع للذم في الشرع، ولذلك متى استعمل في الذم استعمل على خلاف طريقته في اللغة، وليس كذلك⁣(⁣١) وصف الظالم بأنه ظالم، فلا يدل ذلك على أنهما أقدما على كبير واستحقا الذم.

  وقولهما: {وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ} محمول على


= حزم أن أكثرهم لا يستثنون من ذلك إلا الكذب في التبليغ. وذهب ابن فورك الأشعري إلى أن الأنبياء لا يجوز عليهم كبيرة أصلا، وجوز عليهم مع من تابعه في ذلك الصغائر بالعمد، قال ابن حزم: (وذهبت جميع أهل الإسلام، من أهل السنة، والمعتزلة، والنجارية، والخوارج، والشيعة، إلى أنه لا يجوز البتة أن يقع من نبي أصلا معصية بعمد، لا صغيرة ولا كبيرة). وقال الرازي: (والذي نقول: إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون في زمان النبوة عن الكبائر والصغائر بالعمد، أما على سبيل السهو فهو جائز).

مقالات الإسلاميين: ١/ ٢١٣. الفصل: ٣/ ٢. عصمة الأنبياء للرازي ص: ٤.

وانظر فيه: عصمة آدم #، ص: ١١ فما بعدها.

(١) ساقطة من د.