متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

مقدمة التحقيق

صفحة 36 - الجزء 1

  خطبة الكتاب، من أنه أملى في بيان معاني القرآن، والفصل بين محكمه ومتشابهه كتبا، وأنه إنما خص هذا الكتاب بجمع شتات أمور متفرقة تتعلق بالمطاعن على القرآن، سواء في ذلك المتشابه وغيره. قال القاضي: «ومعلوم أنه لا ينتفع به - أي بالقرآن - إلا بعد الوقوف على معاني ما فيه، وبعد الفصل بين محكمه ومتشابهه، فكثير من الناس قد ضل بأن تمسك بالمتشابه، حتى اعتقدوا بأن قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} حقيقة في الحجر والمدر، والطير والنعم. وربما رووا في ذلك تسبيح كل شيء من ذلك. ومن اعتقد ذلك لم ينتفع بما يقرأ، لذلك قال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} في غير موضع، ولذلك وصفه تعالى بأنه {شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ}. وكل ذلك لا يجوز إلا بمعرفة مراده. وقد أملينا في ذلك، بحمد اللّه، كتبا، لكن هذا الجنس من ذكر المطاعن وأجوبتها، وذكر المتشابه ومعانيه وذكر التنبيه على قوارع القرآن متفرق في ذلك، ونحن إن شاء اللّه نجمعه في هذا الكتاب ليكون النفع به أعظم، ونسأل اللّه التوفيق للصواب⁣(⁣١).


(١) من مقدمة النسخة الخطية الأخرى التي عثرنا عليها.

على أن الذين حكموا على القاضي بأنه خص كتابه في التنزيه بالآيات المتشابهة وبيان خطأ فريق من الناس في تأيلها، كان من الممكن أن يقفوا قليلا أمام للنص الذي قد يوهم ذلك في خطبة الكتاب، فقد جاء في النسخة المطبوعة، بدل النص السابق، قوله: «وقد أملينا في ذلك كتابا يفصل بين المحكم والمتشابه، عرضنا فيه سور القرآن على ترتيبها، وبينا معاني ما تشابه من آياتها، مع بيان وجه خطأ فريق من الناس في تأويلها، ليكون النفع به أعظم ونسأل اللّه التوفيق للصواب إن شاء اللّه تعالى».

فهذا النص الذي خص بالحديث عن كتاب المتشابه، لا صلة له بالحديث عن موضوع كتاب التنزيه، وقد أورده القاضي في معرض حديثه عن وجوب الفصل بين المحكم والمتشابه، الذي قدم عليه وجوب الوقوف على معاني القرآن أيضا.

ثم نجد أن النص قد قطع وانتهى. ليبدأ الكلام في مسائل الكتاب. وهذا يقطع بدخول التصحيف على النص. لأن القاضي لا يعقل أن يقول بين يدي كتابه «وقد أملينا في ذلك كتابا» ثم يعنى كتابه الذي سيمليه. أو يكتبه! لأنه لم يكتب منه بعد كلمة واحدة! ولا حاجة بالقاضي.

طبعا إلى كتابة كتابين في المتشابه! على أننا قد عرضنا لهذا بالتفصيل في مقدمة التحقيق التي =