[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  ٢٧٣ - مسألة قالوا ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن الكفر والشرك يجوز وقوعهما من الأنبياء $ فقال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ١٨٩ فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما ...}[١٨٩ - ١٩٠] ولم يتقدم إلا ذكر آدم وحواء، فيجب أن يكون الشرك مضافا إليهما، وهو الذي قلناه(١).
  والجواب عن ذلك: [أنه] كما تقدم ذكر آدم فقد تقدم ذكر من خلق منه بقوله:(٢) {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ} لأن ذلك عبارة عن ولده، وقد تقدم أيضا ذكر ولد آدم بقوله: {فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً} لأن المذكور بذلك غيرهما، «فلم صار(٣) قوله {جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ} بأن يرجع إليهما أولى من أن يرجع إلى ولدهما؟
  فإن قال: لأنه تعالى أجرى الكلام على التثنية، والذي تقدم ذكره على هذا الحد هو آدم وحواء؛ لأن ذكر ولده إنما جرى على الجمع والواحد.
  قيل له: لم صرت بأن تستدل بهذا الوجه على أن الكلام يرجع إليهما بأولى منا بأن نستدل بقوله تعالى في آخر الكلام: {فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} على أن الكلام رجع إلى الجمع المذكور متقدما.
  وبعد، فإذا تقدم ذكر أمرين ودل الدليل في أحدهما على امتناع الحكم عليه، فالواجب أن يرد ذلك الحكم إلى المذكور الآخر باضطرار، وقد علم أن
(١) انظر الفقرة: ٢٥١.
(٢) في د: يقول له.
(٣) في د: فلما صار.