[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  وما روى عنه ﷺ من قوله: (لو توكلتم على اللّه حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا(١)) يدل على أن السعي في طريقة الكسب، من الوجوه التي «تجوز، هو(٢) التوكل، وأنه قد يكون واجبا في كثير من الأحوال، إذا كان من باب الدنيا، فأما من باب الدين فهو ألزم.
  وإنما يكون العبد متوكلا على اللّه بأن لا يلتمس الرزق وغيره، إلا منه، ولا يجزع إذا لم يعط، ولا يعدل في طلبه إلى جهات الحرام.
  ومنها: أن قوله تعالى: {وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً} يدل على أن اللازم لمن تتلى عليه الآيات أن يتفكر فيها فيعرف ما تضمنها من وجوب فيقدم عليه، ومن قبيح فيفارقه.
  وفيه دلالة على ما نقوله من أنه قد يقع للإنسان زيادة الهدى والبصائر إذا تدبر الآيات حالا بعد حال.
  ومنها: أن الاسم الشرعي لا يكون مشتقا؛ لأن وصف المؤمن بأنه مؤمن إذا ثبت بأفعال مختلفة، ولا يصح في مجموعها أن يقع الاشتقاق منها، علم أن المختص بها إنما وصف بذلك على طريقة الشرع لا على جهة الاشتقاق من الإيمان.
(١) أخرجه الترمذي من حديث عمر بن الخطاب ¥، بلفظ: (لو أنكم توكلون على اللّه حق توكله ... الحديث) وقال فيه: هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
صحيح الترمذي بشرح ابن العربي: ٩/ ٢٠٧ - ٢٠٨، ونقله ابن حجر بلفظ:
(لو توكلتم على اللّه حق توكله ...) وقال فيه: أخرجه الترمذي والحاكم وصححاه. فتح الباري: ١١/ ٢٥٦.
(٢) ف: تحل من.