[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  فإن قال: كيف يجوز أن يصير مؤمنا حقا بما ذكر في «الآيات وفي(١) العبادات الواجبة ما لم يجئ له الذكر فيها، والإخلال بها يخرجه من أن يكون مؤمنا؟
  قيل له: إذا صح بالدلالة في بعض العبادات ما قلته صار كالمنطوق به في الآية؛ لأنه لا فرق بين ما يقتضيه الدليل مما يجب(٢) كونه شرطا في الآية أو مضموما إلى المذكور وبين المنطوق «به هنا(٣).
  ولا يمتنع أن يقال: إن قوله: {وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} يتضمن القيام بالعبادات؛ لأن من توكل عليه في التماس الجنة فلا بد من أن يفعل ما به يستحقها، كما أن من توكل عليه في طلب الرزق فلا بد من أن يفعل ما يلتمس به، وأكد تعالى ذلك بأن ذكر(٤) إقامة الصلاة والإدامة على فعلها حالا بعد حال، فنبه بذلك على ما عداه من أفعال الجوارح.
  ولا يمتنع دخول جميع الواجبات المتعلقة بالأموال تحت(٥) قوله: {وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ} لأن ذلك إنفاق من المال الذي رزقوه في الوجه الذي تعبّدوا به.
  وفي الآية دلالة على أنه لا يجوز أن يكون مؤمنا إلا وهو يستحق الدرجات عند ربه والمغفرة، وذلك بخلاف ما يقوله المرجئة من أن في المؤمنين من يجوز أن يكون من أهل النار أبد الآبدين، ومنهم من لا يستحق إلا العقاب، وإن جاز أن يعفو عنه تعالى؛ لأنه جل وعز يقول: {لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} وقد بين أنهم يستحقون ذلك، وعمّ ولم يخص.
(١) في د: الآية ولى.
(٢) د: يوجب.
(٣) د: هكذا.
(٤) ساقطة من د.
(٥) ف: نحو.