[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  ٢٧٥ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن الظفر الحاصل المؤمن من فعله تعالى، فقال: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}[١٠].
  والجواب عن ذلك قد تقدم من قبل، لأنا قد بينا وجوه(١) النصر، وأنه الظفر بالمطلوب الذي يقتضى التأثير في العدو(٢)، ويكون ذلك بالحجة والتعظيم والرفعة، وقد يكون بالغلبة في الحرب بالوجوه التي تقتضى ذلك من إلقاء الرعب في نفس العدو، ومن تثبيت قدم المؤمنين، إما لأمر يرجع إلى ربط قلبه وإلى تقويته بالخواطر وغيرها، أو لأمر يرجع إلى صلابة المستقرّ، وقد يكون بالإمداد بالملائكة، وقد يكون بعوارض تقتضى اعتقاد العدو كثرة المؤمنين، واعتقاد المؤمن قلة عدد العدو، وكل ذلك منه تعالى لا ينافي أن يكون العبد فاعلا متصرفا في الحرب.
  وقوله تعالى من بعد: {وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ}(٣) يشهد لما ذكرناه بالصحة، لأنه تعالى إنما ينصر بهذه الوجوه التي منها ربط القلب وشدّه، إما بما يحدثه من الخواطر والتنبيه على ما أعد للصابر، أو بذكر وعده بالظفر. وتثبيت القدم قد تكون على الوجهين الذين ذكرناهما.
  وقد قيل: إنه تعالى أمطر لهم السماء يوم بدر فصليت لهم الأرض الرخوة الرملة، فاقتضى ذلك فيهم تثبيت القدم، وكثرة المطر للعدو وكثرة الوحل، فأوجب ذلك ضررا فيهم.
  ٢٧٦ - مسألة: وقوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ
(١) في د: أن وجوه.
(٢) انظر الفقرتين: ٩٨، ١٧١.
(٣) من الآية: ١١.