متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 317 - الجزء 1

  الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ ١٥ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}⁣[١٥ - ١٦] يدل على ثبوت الوعيد في فسّاق أهل الصلاة، لأن المعلوم أن الذي يلقى الكفار بالمحاربة لا يكون إلا من المصدقين بالرسول ، وقد أزال اللّه تعالى الشبهة في ذلك بقوله:

  {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} وبين أن من يولهم دبره بالهزيمة فقد استحق النار والغضب، وبين أن من ولاهم دبره متحرفا لقتال عادلا من جهة إلى جهة، لظنه بأنه أقرب إلى الظفر فذلك مباح، وكذلك من ولاهم دبره متحيزا إلى فئة مقويا لها ومتقويا بها، ليكون إلى الظفر أقرب، لا يكون منهزما.

  وبين تعالى أنه إذا ولّى القوم الدبر - لا على هذا الوجه - أن الوعيد لا حق بهم.

  وقوله: {وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ} دلالة على أن كونه في النار مؤبد؛ لأنه لو كان فيها أوقاتا ثم يكون في الجنة لم يجز أن يطلق القول بأن مأواه جهنم، فيجعل مأواه ما ينقطع ولا يجعل مأواه ما يدوم كونه فيها.

  وقوله: {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} يدل على أن مصير أمره لا يكون إلى دخول الجنة؛ لأنه لو كان كذلك لم يصح هذا الإطلاق.

  ٢٧٧ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه الفاعل لتصرف العبد وكسبه، فقال: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى ...}⁣[١٧] فأضاف قتلهم ورميهم إلى نفسه.

  والجواب عن ذلك: أن ظاهر الكلام يقتضى أنه تعالى هو الذي قتل